أقلامهم

تعليقاً على مقالة "أعمامنا"
الروائي المصري قنديل يشكك بالمعلومات.. والوشيحي يراهنه


كان الزميل محمد الوشيحي قد نشر في جريدة الجريدة مقالة بعنوان “أعمامنا” تطرق فيها إلى الحديث عما تعرض له الأدباء إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم في عهد الزعيم عبد الناصر.. وهذا هو رابطها:


http://aljaridaonline.com/2011/06/09/97547


فانهمرت الردود عليه من القراء المصريين، وكان من بينها رد الروائي فؤاد قنديل.. ولأن الأستاذ قنديل باحث وغواص ماهر في الأدب فقد ارتأت سبر نشر مقالته التي جاء فيها تكذيب لما ذكره الوشيحي، ما دفع الوشيحي إلى رمي قفاز التحدي، مراهناً على “ذاكرته الخربة”: 


آمال


الروائي المصري فؤاد قنديل يرد 


يبدو أنني، وعلى غير قصد، اقتحمت عرين الأسد «عبدالناصر» فزأرَت أشباله في وجهي، وأنا من كان يتوقع، مخطئاً، أن جماهيرية عبدالناصر «دفترية» فقط، لا وجود لها في الحساب الختامي، خصوصاً بين المثقفين والكتّاب.


فطوال الأيام الماضية، وبعد نشر مقالتي «أعمامنا»، لم يتوقف سيل الرسائل من القراء المصريين، من داخل الكويت وخارجها، إن على بريدي الإلكتروني أو على «تويتر»… قليل منها يؤيدني وجلّها يخالفني، بل ويكذّبني… اخترت منها كلها هذه المقالة للروائي الجميل فؤاد قنديل، كنموذج ورأي آخر، على أن أكتب تعليقي في الأسفل.


 —— 


مقالة الروائي فؤاد قنديل بعنوان


 سقطة كاتب أعتز به


 “نشر الكاتب الساخر الأستاذ محمد الوشيحي في صحيفة “الجريدة” الكويتية يوم الخميس 9 يونيو مقالا مميزا عن حرية الكاتب، وكان ككل مقالاته متسماً بالثقافة العريضة وخفّة الظل والجسارة والبلاغة وحلاوة البيان إلا أن به بعض الثقوب في الثوب الأبيض، والثقوب خلفتها المعلومات التي اعتمد عليها وليست من بنات أفكاره، وإن طفت على سطحها رؤاه، ومن ذلك قوله: إن عبدالناصر أرسل هيكل إلى إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ليبلغهم عدم رضاه عن المجون في رواياتهم، وقد توقفت عند الفقرة المتخمة بالمعلومات المفتقدة لأية أسانيد، ولكنها اتهامات مرسلة في محاولة مجانية لمحو ملامح إنسانية رفيعة لزعيم عربي نادر.  


أولا: ليس في روايات الحكيم أي مجون فكيف يمكن لعبدالناصر مدمن القراءة أن يلوم الحكيم على ما ليس فيه، بل على العكس فعندما تعرض الحكيم لهجوم بعض النقاد قرر عبدالناصر أن يمنحه عام 1957 “قلادة النيل” أعلى أوسمة الدولة، تعبيرا عن تقديره شخصيا وتقدير الثقافة المصرية بكل أطيافها لإبداع وفكر الحكيم، أما نجيب فقد اعترض الأزهر على رواية نجيب محفوظ “أولاد حارتنا” التي كانت تنشر منجمة أو مسلسلة في الأهرام عام 1959، وكتب فضيلة الشيخ محمد الغزالي تقريرا يدينها إدانة شديدة ويحتج على نشرها، وأرسل التقرير إلى عبدالناصر، الذي حوله إلى هيكل وطلب منه أن يوقف النشر، قائلا بالحرف: أنا لست مستعدا للخلاف مع الأزهر، هذا كلام الدكتاتور الذي لم يحتمل مجرد الخلاف مع السلطة الدينية، في حين كان غيره وأقل منه بمراحل لا يعبأ مطلقا بهذه السلطة، بل يغير في قادتها كما يشاء.  


رد هيكل على عبدالناصر قائلا: إن للأهرام مصداقية مع القراء وسوف نستمر في النشر حتى انتهاء الرواية، وبالإمكان منع نشرها في كتاب أو غيره من وسائل النشر، ووافق عبدالناصر (الديكتاتور!)، أما روايات إحسان فلم يعترض عليها عبدالناصر لأنه كان ذا أفق مفتوح ويؤمن بحرية الفنون بالذات، بدليل أن إحسان تعرض لهجوم عنيف من عدد من أعضاء مجلس الشعب (مجلس الأمة في ذلك الوقت) عام 1964 وطالبوا بوقف نشر رواية إحسان “أنف وثلاث عيون” وروايات أخرى، فما كان من عبدالناصر (الديكتاتور!) إلا أن قرر منح إحسان وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، أما إشارة الوشيحي إلى أن إحسان ذاق الأمرّين على يد عبدالناصر فهذا غير صحيح؛ لأن الواقعة الوحيدة التي شهدت سجنه كانت عام 1953 بعد أن كتب إحسان عدة مقالات يهاجم فيها الضباط أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأشهرها مقالته “الحكومة السرية التي تحكم مصر”، أما من طالب باتخاذ موقف حاد مع إحسان فكانوا بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة وليس عبدالناصر لأن علاقته بإحسان كانت وطيدة، ولم يستطع عبدالناصر الوقوف ضد غضب الضباط (لأنه كان دكتاتورا!).  


وما حدث مع مصطفى محمود هو بالضبط ما حدث مع نجيب في “أولاد حارتنا”، إذ وصلت إلى عبدالناصر خطابات كثيرة من شيوخ الأزهر ومن القراء، وبدا كأن هناك بوادر غضب واسع، فطلب من إحسان أن يتحدث إلى الدكتور مصطفى ويبلغه الاعتراضات الكثيرة، ورد إحسان على عبدالناصر موضحا أنه لا بأس على الإطلاق من النشر ومن له رأي فليرسله، ووافق عبدالناصر الدكتاتور على هذا الرأي، وانهالت الردود على “روز اليوسف” حول مقالات الدكتور مصطفى، وطرحت الكثير من الأفكار وتنوعت الرؤى وشاعت حالة من الثراء الفكري.  


لقد أفضت كل هذه المعلومات المغلوطة إلى أن يصف الوشيحي عبدالناصر بالمتدين الأكبر، وقد كان عبدالناصر بالفعل متدينا مستنيرا ويحرص على علاقته مع الله، أما الحديث بغرض السخرية والإهانة فإن الأمر يتجاوز حدود حرية الكاتب، ويظل الوشيحي برغم ذلك أحد أهم كتّاب الأدب الساخر في العالم العربي”.


 ***  


هذه كانت مقالة أستاذنا فؤاد قنديل، ذي القامة الشاهقة، وتظهر فيها اتهامات واضحة بأنياب ومخالب، تشير إلى أنني سقت معلومات لا أسانيد لها، أي أنني “معطتها من جيبي” كما نقول في لهجتنا… لذلك سأطلب من أستاذي قنديل ومن غيره من محبي عبدالناصر ومريديه مهلة من الوقت، كي أبحث عن أسانيد لمعلوماتي التي زودتني بها ذاكرتي الخربة.  


على أنني إن لم أجد الأسانيد، وهذا أغلب الظن، فسأعلن هنا أنني مدين للأستاذ قنديل بعشاء بحري على النيل، وإن وجدتها– قولوا يا رب– فهو المدين لي بالعشاء البحري… ويا معين.