أقلامهم

صلاح الساير ومغارة الرئيس

يتمسك الحاكم في الدولة الأمنية المستبدة بصولجان الحكم رافضا أن يشاركه الصولجان أحد. فيطارد خصومه ويحبسهم أو ينفيهم أو يقتلهم في سبيل حماية العرش الذي استولى عليه غدرا واغتصابا. ولأنه لم يعتد على سماع صوت غير صوته نجده يتجاهل نصح الناصحين الحكماء، فهو وحده سيد الوطن والزعيم الحكيم العليم العظيم أما الشعب فإنهم في نظره مجرد جرذان أو جماعات مارقة مخربة.

إن استعمال السلطة للتسلط على الناس وقهرهم وتجويعهم يورث صلفا وغرورا لدى مثل هذا الحاكم، فلا يكون «بين فؤاده والصخر فرق» كما ان السرقة المنظمة لخيرات الدولة التي يحكمها تحوله إلى رئيس عصابة، فيكون «السيد الرئيس» أشبه بالحرامي الذي يدافع عن مغارة الكنز المسروق. ولم يحدث أن لصا سرق سلطة وثروة وجبروتا وعاد يسلم المسروقات للناس طواعية.

من يدخل القصر عبر بوابته القانونية أو التاريخية لا يدك تاريخ بلاده ولا يرمها بسهام الطيش والحمق وجنون العظمة. أما الذي امتطى صهوة الدبابة تحت جنح الظلام وهدم جدار القصر، فلا حصانة عنده للأرواح والممتلكات والكرامة الآدمية. يقتل ويجرح ويعتقل ويطارد ويشرد الناس في المنافي القسرية دونما حس أو ضمير حتى يأتي اليوم الذي يسمع فيه صوت يد مضرجة تدق باب الحرية الحمراء، وتهز القصر هزا.