أقلامهم

قد يكون صراخ الأقلية البرلمانية أسلوباً غير حضاري ولكن وجودها مهم للحفاظ على المال العام.. هذا مايؤكده محمد بدر بن ناجي

حكومة الكوادر


محمد بدر بن ناجي


قد تكون تصرفات وصراخ نواب الأقلية داخل وخارج قبة عبدالله السالم ليست أسلوبا حضاريا أو مضيعة للوقت وأخرت تشريع الكثير من القوانين ولكنها بنفس الوقت تلمس معاناة المواطنين ونوعا ما تحافظ على ما يسمى بالمال العام… وقد تكون تلك الأقلية البرلمانية ليست على كفاءة كافية للوصول الى أفضل الأهداف التي تصب في مصلحة البلد ولكن يبقى وجودهم في ظل هذه الأوضاع المتدهورة للبلاد ضرورياً…
ذكرت في أكثر من مقال مقولة الشيخ أحمد الفهد الشهيرة (ان المواطنين فقدوا الثقة في الحكومة..) وهذا صحيح والحكومة لم تقم بأي خطوة جادة لاسترجاع تلك الثقة وانما تسعى دائما لاتخاذ القرارات التي من شأنها ان تحافظ على الأغلبية البرلمانية ومحاربة الأقلية وبالتالي الوطن والمواطنون هم الضحية..!!؟؟
فتخبط الحكومة في اقرار الكوادر المالية وزيادة الرواتب خلق ثقافة كيف آخذ بدون ان أعطي..!! لدى المواطنين وقد نورثها لأجيالنا القادمة كما يقول المثل (كيف تتربى الناشئة اليوم… يكون الشعب غدا).. فبإقرارها كوادر ومميزات مالية لبعض المهن دون الأخرى خلق حالة من عدم الرضا كعدم المساواة بين المواطنين، كما خلقت فجوة كبيرة بين الرواتب وبالنهاية زادت الطين بلة باقرارها مبلغ الـ100 دينار لمن ليس لديهم كادر ومن ضمنهم كثيرون ممن يحملون تخصصات نادرة ومهناً شاقة، وياريت هذه الزيادة كاملة بل تخصم منها التأمينات وكل البدلات وقد يصفى منها بالتالي 65 ديناراً فقط لاغير حسب ما ذكر لي أحد الحاصلين عليها، والحكومة بهذا تذكرني برب الأسرة الذي لا يعدل بين أبنائه في المصاريف فيعطي الصغير أكثر من الكبير حتى خلق الحقد والكراهية بين أبنائه..
فأين مبدأ العدالة؟ فقد قامت الحكومة بصرف مئات الملايين على كوادر المهندسين والأطباء والقانونيين والمحاسبين و.. و..، والمشكلة انها تصرف للجميع وأعني بذلك على المجتهد وغير المجتهد وعلى المواظب في عمله وغير المواظب ممن يعمل بوظيفة أخرى ويأخذ راتبه بكادره من الحكومة… وبهذا طبعا زرعت الحكومة الحقد والحسد بين المواطنين، فهل يعقل ان موظف بالحكومة خدمته تجاوزت الثلاثين عاما ويتقاضى راتب مهندس مبتدئ لم يمض على تعيينه في الحكومة أكثر من عام…!!؟؟
سمعت من أحد النواب ان سبب عدم اقرار كادر المعلمين هو عدم تطبيق مبدأ العدل والمساواة بين المعلمين وهو ما أكده الوزير المليفي، ولكن لا أعرف حتى الآن ما هو مبدأ العدل والمساواة لديهم… واذا كان المبدأ هو ان يأخذ كل ذي حق حقه فأهلا به، والا فأعطوا الكل فمن يقع عليه الظلم الله سبحانه سينصره…
فماذا لو كان لدينا حكومة عاقلة تعمل على أجندة واضحة ضمن خطط خمسية ناجحة، وقتها سوف نوفر مئات الملايين التي تصرف على الكوادر دون وجه حق…. فالحكومة العاقلة تقوم باعادة النظر في سلم الرواتب كل خمس سنوات، وأعني بذلك أنه بدلا من صرف الملايين على الكوادر لماذا لا تكون الزيادة على الراتب الأساسي حسب كل تخصص اضافة الى الزيادة في العلاوة الاجتماعية وعلاوة الأطفال ولو قسمنا ما تم اقراره وصرفه من كوادر على هذا الأساس لضمنت الحكومة تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية وأغلقت بذلك أبواب المطالبة في كوادر ومميزات مالية أخرى… ولكن ما حصل في حكومة الكوادر كما وصفها الكثيرون أنها وضعت نفسها بين أمرين لا ثالث لهما فاما اقرار جميع الكوادر وتطبيق مبدأ العدالة وهدر المال العام أو صرف الـ100 مع خصم كل البدلات والتأمينات ومواجهة الأقلية البرلمانية ووقف حال البلد الى اشعار آخر….
وفيما يخص أحد أهم المواضيع التي يعاني منها المواطنون هو موضوع القروض وامكانية اسقاط فوائدها من عدمه… والجميع يقر بأن البنك المركزي والحكومة تواطؤوا عن تطبيق القانون وأعطوا المؤسسات المالية الحق في سلب المواطنين، ولولا تلك الأقلية البرلمانية لما قامت الحكومة بتعديل القانون من خفض نسبة الفائدة وغيرها ليتماشى مع الأزمة الاقتصادية، ولكن هذا لا ينطبق على كل من اقترض قبل القانون، والحكومة هنا وقفت عاجزة لإيجاد حل لتلك الفئة التي اقترضت قبل القانون الجديد، حتى جاءت بأكذوبة العصر ألا وهي صندوق المعسرين الذي جاء للدفاع عن حقوق المؤسسات المالية واخذ كل فلس من فوائد واصل الدين من أي مقترض يتقدم لذلك الصندوق… والسؤال هنا بما ان الحكومة لا تريد مضايقة التجار واسقاط فوائد القروض عن تلك الفئة المظلومة التي ستظل أسيرة الديون الى قيام الساعة، لماذا لا تأمر بإعادة جدولة تلك القروض على القانون الجديد؟؟؟؟ لسبب بسيط لأن (القوانين مثل بيوت العنكبوت بامكانها الامساك بالذباب الصغير لكنها تسمح للدبابير بالمرور…)..
اعادة الثقة برئيس الحكومة للمرة الرابعة بعد الاستجواب العاشر لا يعني ان الحكومة استعادت ثقة المواطنين فهناك شريحة كبيرة من المجتمع غير راضية عن أداء الحكومة وحال البلد، فلم نشهد أو نلمس أي خطوة جادة نحو التطوير والارتقاء بمستوى البلد الا اقرار الكوادر والمميزات المالية وزيادة الرواتب والمنح ولكن ماذا عن المشاريع التنموية، وماذا عن تطوير الخدمات، وحل مشكلة الاسكان والبطالة و.. و..، فهل هذه الحكومة قادرة على ادارة البلد؟؟ نأمل ولو مرة ان تقر الحكومة السابعة قانونا واحدا لمصلحة الوطن والمواطنين بدون ضغط من الأغلبية أو الأقلية البرلمانية وقتها ستعيد جزءاً من ثقة المواطنين تجاهها ان كان ذلك من أولوياتها…