من الذي ينفق علينا؟
عبداللطيف الدعيج
نصف ميزانيتنا يكاد يذهب إلى بند الرواتب والأجور، وهي رواتب لمن لا يعمل، وأجور لمن يستهلك عوضا عن ان ينتج. مع هذا يملك بعض نوابنا الجرأة، او لنكن أكثر صراحة ونقُل «الحماقة» ليغادروا قاعة البرلمان احتجاجا على رفض الحكومة لمزيد من الزيادات في باب الرواتب والأجور. كنا نتوقع ان يغادروا احتجاجا على أوضاعنا السقيمة او ميزانيتنا «المجنونة»، ولكن المؤسف أنهم يعترضون على بعض الصحوة وعلى قليل من الحرص الذي أبدته الحكومة وبعض زملائهم.
معلمونا، وهم حسب التسمية من الذين من المفروض ان يكونوا الأدلاء والحكماء ومن يرشدنا ويأخذ بأيدينا الى الطريق السليم، معلمونا يتصدرون المتهافتين والمتكالبين على نهب الدخل الوطني وتبديد ما لا نملك. ليس لدينا شك في ان المعلمين «يستاهلون» وانهم يستحقون ما يطالبون به، فهم مثل البقية كويتيون، ومن اكبرها واسمنها ايضا. لكن الاعتراض، مع ان ليس لدينا اعتراض ولكن توجس، هو على كيفية وامكانية توفير ما يطالبون به، وعلى قدرتنا الحقيقية على توفيره. يجب ان يفهم نواب الزيادات والمنح واهل العطايا والمكرمات، وكل من يتطلع الى مزيد من الرفاهية وكثير من الرخاء، ان الرفاهية والرخاء مرتبطان بانتاج النفط، وقدرة الآخرين على دفع أسعاره. بكلمات ادق نحن لا ننتج ونحن لا نعمل، بل مع الأسف نتعيش على ما يدفعه العامل الاوروبي او الكادح الآسيوي ثمنا لبرميل البترول. أي ان العامل هناك هو من ينفق علينا وهو وليس حكومتنا او الأشاوس من نوابنا من يملك مفتاح «التجوري» ومن يحدد كمية ما ننفق.
لهذا فإن المطلوب مواجهة التحديات، وليس تجاهلها والتظاهر بان المستقبل مضمون وان الثروة النفطية تستطيع ان «تعتني» بنا ابد الدهر. لا نتحدث عن نضوب الثروة ولا امكانية استبدالها ولكن نتحدث عن «زيادة الماء على الطحين»، زيادة استهلاكنا عما من الممكن ان توفره ثروتنا النفطية. فيا ايها العقلاء ـــ ان لم تكن سكرة النفط قد ذهبت بعقل الجميع ـــ قليلا من التفكير وقليلا من التدبير.
أضف تعليق