أقلامهم

ذعار الرشيدي:الكويت لم تعد دولة رفاه إلا لقلة من أهلها

ما سأورده، أعترف أنني أترك مصداقيته في عهدة من رواه لي، وإن كان مجرد التفكير فيه أمراً يبعث على الاشمئزاز، فقد روى لي أن مسؤولا حكوميا خلال أحد الاجتماعات طلب وبصوت عال أن يتم تخفيض الطاقة الاستيعابية في المستشفيات، أو بالأصح تقليص السعة السريرية في المستشفيات الحكومية، بعذر أنه يريد أن يقدم «الكيف على الكم» ولهذا العذر حديث آخر.

خلال الاجتماع رفض قيادي في وزارة الصحة هذا المقترح وفنده بالأرقام وهو ما لم يعجب المسؤول الرفيع الذي أمر بعد أقل من شهرين بإحالة القيادي إلى التقاعد، وبعدها بأشهر لم يتم تنفيذ رغبة المسؤول الرفيع، بل ولسبب لا يد له فيه تمت الزيادة السريرية في عدد من المستشفيات الحكومية.

ما نقل، وبغض النظر عن دقته، إلا أنني لا أشك في مصداقية من نقل، ومثل هذه الرغبة لا تفسير لها سوى أن ذلك المسؤول كان يرغب في تدمير الرعاية الصحية التي (كفلها الدستور) لصالح المستشفيات الخاصة وبشكل سريع جدا بطلبه تخفيض الطاقة السريرية، وحكاية هذه الرغبة يتناقلها عدد من قياديي وزارة الصحة.

هذه الرغبة هي جريمة قتل متعمّدة لمرضى ومحتاجين خاصة أن ثلاثة أرباع الشعب الكويتي والوافدين لا يستطيعون تحمل تكاليف الخدمة الصحية في القطاع الخاص، نعم قد يتوجهون اليها بأمراض طارئة كالسعال والانفلونزا والأمراض الجلدية البسيطة، أما أمراض القلب والسرطان والعمليات والكسور فلا طاقة لهم بها وعليه وقياسا على ميزانياتهم المتواضعة سيلجأون الى مستشفيات الحكومة لا مفر، وذلك المسؤول يريد خفض الطاقة السريرية وكأنه يصدر أمرا – علم به أم لم يعلم – بقتلهم أو زيادة آلامهم.

بالأمس قلت اننا لم نعد نعيش في دولة الرفاه، واليوم أشدد يا سادة على أننا لم نعد نعيش في دولة الرفاه، كيف نعيش في دولة رفاه وأقرب موعد يمنحه لك اليوم مستشفى البحر للعيون هو ديسمبر القادم أي بعد 5 أشهر من الآن، الرفاه مقصور على فئة محددة مقرّبة من الحكومة، أما عامة الشعب فلا مانع لدى حكومتنا إذا ما استقلوا قطارا متجها الى الجحيم، بل ربما دفعت ثمن التذكرة للراغبين.

هذه الحكومة يجب أن ترحل إن لم تغير نهجها، فقط فيما يخص الرعاية الصحية التي كفلها الدستور، إن آلام مواطن واحد ينتظر فرج موعد الزيارة التالية في أي مستشفى حكومي كافية لأن ترحل الحكومة قسرا لا طوعا، فما بالكم إن كان هناك آلاف يئنون من الآلام بانتظار شفقة طبيب الحكومة ليصرف لهم ما تيسر حسب فهمه والذي يكون خاطئا في الغالب، ويستمر الألم وتستمر المعاناة وتبقى الحكومة شامخة مستمرة.