منوعات

لافتات تشتم مخرجة الفيلم والصحافة العلمانية قلقة
(لا الله لا سيد).. فيلم يغضب الاسلاميين في تونس

بعد مرور ستة اشهر على الثورة التونسية يتصاعد التوتر الديني بشأن حدود حرية التعبير اذ يتحدى الاسلاميون هيمنة الليبراليين في ما كان ذات يوم حصنا للعلمانية في العالم العربي.

في الاسبوع الماضي هاجم عشرات الرجال دارا للسينما في تونس عرضت دعاية لفيلم (لا الله .. لا سيد) للمخرجة الفرنسية من أصل تونسي نادية الفاني.

وألقت الشرطة القبض فيما بعد على 26 رجلا لكن سلفيين تجمعوا امام وزارة العدل بعد ذلك بيومين للمطالبة بالافراج عنهم مما ادى الى مشاحنات مع محامين.

وانتشرت قوات الامن بكثافة في وسط تونس لمنع احتجاجات كان السلفيون يعتزمون تنظيمها بعد صلاة الجمعة الاسبوع الماضي.

واتسم رد فعل وسائل الاعلام العلمانية والمثقفين بالقلق وحذروا من أن الحريات في تونس التي كانت حصنا للعلمانية في ظل حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي البوليسي الذي امتد 23 عاما ستتعرض للخطر اذا لم يتم وقف الاسلاميين من مختلف اطياف الاسلام السياسي.

وقال طيب زهار في صحيفة (رياليتيه) التي تصدر بالفرنسية “هذا ينذر بما ينتظرنا اذا لم يتم اتخاذ اجراءات صارمة ضد هؤلاء السحرة لان لا شيء سيمنعهم عن مهاجمة الفنادق والملاهي الليلية او المواطنين الجالسين في مطعم.”

وكانت تونس نقطة الانطلاق لحركة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي انتشرت في شمال افريقيا والشرق الاوسط منذ تمت الاطاحة ببن علي في يناير كانون الثاني.

ويثير الانتقال البطيء الى النظام الديمقراطي توترا.

ولن يجري الرئيس المؤقت والحكومة المؤقتة الانتخابات الا في اكتوبر تشرين الاول لاختيار جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا يسمح بتشكيل البرلمان واجراء انتخابات الرئاسة في مرحلة لاحقة.

وقال عبد الحميد حبيبي القيادي في حزب التحرير وهو حزب سلفي اتهمته الشرطة بمهاجمة دار العرض ان المجتمع الفني يحاول استفزاز السلفيين لكنه يسيء الحكم على المزاج العام للمواطنين التونسيين الذين هم اكثر ميلا للاتجاه المحافظ مما كان يتصوره ابو الدولة الحديثة الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الراحل.

وأشار الى فيلم (لا الله .. لا سيد) قائلا ان الدولة ليست بحاجة الى عرض فيلم كهذا او يحمل هذا الاسم خاصة في ظل الوضع الذي تمر به تونس الان وأضاف أن هذه محاولة لاستفزاز الناس. وقال ان الفيلم ينكر وجود الله.

وقال ان على الرغم من سياسات الحكومة منذ الاستقلال عن فرنسا التي عززت بقوة تحرير المرأة فمنعت تعدد الزوجات وسهلت حصول النساء على الطلاق وشجعت على عدم ارتداء الحجاب فان الاتجاه الاسلامي المحافظ قوي في تونس.

وقال حبيبي ان الشعب التونسي لا يعيش حياة اسلامية لكنه ليس علمانيا وان المجتمع لا يمثله من يظهرون في البرامج التلفزيونية الحوارية مشيرا الى أنهم ليست لهم شعبية وهم مجرد أقلية بين التونسيين.

ومضى يقول ان كل التونسيين تقريبا مسلمون وان عقلية الشعب اسلامية وأضاف أن العلمانيين ضحايا نظام عميل للاستعمار.

وفي حين حاول زعماء عرب مثل بن علي والرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اضطر للتنحي في فبراير شباط ابعاد القوى الاسلامية عن الحياة السياسية بدأت النخب الليبرالية مثل المجتمع الفني تنظر الى الدولة على أنها خط دفاع ضد الاتجاه المحافظ المتزايد في المجتمعات العربية.

واليوم يتطلع كثيرون من النخبة الثقافية في تونس الى فرنسا كنموذج سياسي وثقافي وعادة يتم الاحتفاء بالمخرجين التونسيين في فرنسا التي تمول الكثير من أفلامهم.

ويقول حبيبي ان الفيلم الوثائقي الذي أخرجته الفاني والذي يدعو الى حماية العلمانية بعد سقوط بن علي بمثابة اعلان للحرب وان الناس أرادوا أن يقولوا أنهم ضده.

ودعت الفاني التي تعترف بان لا دين لها وهي موضع هجوم من الاسلاميين الى حذف مادة من الدستور التونسي تنص على ان الاسلام دين الدولة. وهي تقول ان هذه المادة تستبعد حقوق اليهود والمسيحيين والملحدين وغيرهم.

وقالت متحدثة من فرنسا “هناك معركة الان حتى يفهم الناس افضل أننا اذا كنا نريد أن نحمي الحرية التي كسبناها من الاطاحة بالدكتاتور فعلينا حماية كل الحريات.”

وأضافت “الواضح أن هناك كثيرين يريدون أن يعيشوا الدين كما يريدون. في تونس اليوم ليس لي الحق في أن أقول انني لا أؤمن بالله.”

وقالت الفاني انها غيرت اسم الفيلم الوثائقي الى (العلمانية ان شاء الله) بتوصية من الموزعين الفرنسيين بعد عرضه في مهرجان كان هذا العام.

واعترفت بأن معظم التونسيين مسلمين فعلا لكنها قالت ان كثيرين يريدون الحق في اختيار ما اذا كانوا يصومون شهر رمضان ام لا وما اذا كانت النساء بحاجة الى ارتداء ملابسهن كما يحلو لهن.

وقالت ان حركة النهضة الاسلامية وهي ابرز الحركات الدينية تستفيد من التصرفات التي يقوم بها السلفيون لكنها تقول انها تنأى بنفسها عنهم.

وأضافت “الاسلاميون ليسوا معتدلين. سيحاولون اعادتنا الى الحياة التي عاشها الناس منذ 1400 عام. يجب أن تظل تونس عصرية. يجب أن نفهم أن العلمانية عنصر من عناصر التقدم.”

وقالت حركة النهضة المرتبطة بجماعة الاخوان المسلمين المصرية انها لا توافق على استخدام القوة فيما يتعلق بالافلام او اي أعمال فنية أخرى تعتبر مسيئة وانما لابد من احترام القيم الاسلامية.

وحظر بن علي الحركة لكن على غرار جماعة الاخوان ظهرت كأقوى قوة على الساحة السياسية بعد نجاح الثورة. ورفضت السلطات اصدار ترخيص لحزب التحرير بسبب القواعد الدينية الصريحة التي يقوم عليها برنامجه.

وقال المعلق السياسي رشيد خشانة ان موقف النخبة العلمانية المثقفة يصب في مصلحة القوى الاسلامية التي تحاول استعراض قوتها قبل الانتخابات.

وأضاف “المثقفون العلمانيون أقلية صغيرة جدا ولا يعكسون سلوك المجتمع التونسي لكن السلفيين يحاولون اخافة المجتمع لفرض أسلوبهم.”

وأشار خشانة الى اعمال أخرى للفاني بحثت في الهوية التونسية ما قبل الاسلام والعرب. وقال “لم أتفق معها لكن من حقها أن تقول ما تعتقده. هذه القضايا تتعلق بجيل المستقبل وبالتالي يجب أن نناقش كل شيء.”