أقلامهم

عبداللطيف الدعيج بعد أن شرح ملخصا لتاريخنا السياسي في المنطقة يتوقع أن تأتي الثورات بطغاة محل طغاة

مللنا من تغيير من فوق 


عبداللطيف الدعيج 


 
الانسان العربي، الذي يتحدر منه اغلب الكويتيين، غيّر حكومات وأسقط عائلات واستبدل أعراقا ومذاهب. لكنه في خضم هذا كان «كالنوق يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول». غيّر كل شيء إلا نفسه رغم انه يردد ليل نهار الحكمة الربانية «ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». منذ البداية استبدلنا عثمان بعلي، وبني هاشم ببني امية. واستبدلنا بني امية بالعباسيين، وعن العباسيين استعنا بالفرس وبدلا من الفرس حللنا الاتراك وبعد الاتراك حكمنا المماليك، بعد المماليك استسلمنا للعثمانيين وبعدهم أذعنا للغربيين. بعدها اتت مراحل الاستقلال والثورة العربية الكبرى التي اسقطنا منها الاقطاع والعشائر _الشريف حسين_ لانها استسلمت لفرنسا ..انكلترا، بعد الاقطاع جربنا البرجوازية التي اتهمناها بعد ذلك بتضييع فلسطين.
الحركات الانقلابية التي عمت المنطقة بعد «النكبة» افرزت البرجوازية الصغيرة او الطبقة المتوسطة -في الواقع المتعلمة-، لكنها، مثل من سبقها، تم تحميلها وزر نكسة 1967 ليتم استبدالها بالحركة العمالية التي لم تغير من الواقع شيئا. ولما كانت «البروليتاريا» نهاية المطاف او الطبقة الاخيرة في السلم الاجتماعي، فقد انقلب الانسان العربي الى الدين وعاد مجددا الى بداية الانطلاق.
هذا ملخص تاريخنا السياسي ان جازت تسميته بذلك، او هذا واقع حال الحراك الاجتماعي العربي، فهو معني بتغيير الشكل وليس المضمون استبدال مظاهر او اشكال التخلف وليس التخلف نفسه. تغيير السلطات والقادة والزعماء مع الابقاء على التراث والتقاليد والقيم الاجتماعية والتمسك بكل ما يعتقد الانسان العربي انه اصيل و«قديم».
أسرد هذا لأمرين: الاول، ظاهرة الاحتجاجات العربية التي ستغير وربما ستعصف بكل شيء الا الانسان العربي نفسه.. فهي في النهاية ستحل طاغية مكان آخر او عصابة محل عصابة او في احسن الاحوال طائفة محل طائفة اخرى. والثاني، لحركة التغيير في الكويت التي هي الاخرى تطالب بتغيير كل شيء.. رئيس الحكومة ومجلس الامة والدستور.. مع الابقاء على الواسطة والمحسوبية ودولة الانفاق الريعي والانتخابات الفرعية والتعصب الطائفي، وكل ما يمت للأمس بصلة.