أقلامهم

عبداللطيف الدعيج ينتقد بشدة تسمية مسلسل معاوية والحسن والحسين، وينبه من ظروف عرضه لكنه ضد الحجر على حرية الرأي والتعبير

هل عرض التاريخ من حق الجميع؟ 


 عبداللطيف الدعيج


 
يدور هذه الايام صراع بين منتج مسلسل «معاوية والحسن والحسين» وبين المتعصبين، أو لنقل بحيادية بعض المعنيين من الشيعة. فهؤلاء «المعنيون» يصرون على منع عرض المسلسل قبل ان يشاهدوه، وقبل ان يشاهده الناس. من وجهة نظري، ليس من حق أي كان ان يعترض على عمل فني، أو دراسة تاريخية، خصوصا اذا كان الاعتراض يستهدف المنع أو تحقير المسؤول عنها. فحرية البحث العلمي مكفولة، وحرية الرأي والنشر مضمونة، واذا تضمن العمل أو البحث تعريضا مباشرا و«مقصودا» وبلا سند أو دليل – الرجاء ملاحظة كل هذه الشروط – فان بامكان المتضررين اللجوء الى القضاء. هذه طبعا وجهة نظري، وهي بالمناسبة وجهة نظر من وضعوا دستورنا وأسسوا للعلاقات بيننا. لكن هل هي وجهة نظر المعترضين؟.. وقبل ذلك – وهذا هو المهم – هل هي وجهة نظر المنتج ومن هو متحمس لانتاجه؟!
على ما يقال «المكتوب يُقرأ من عنوانه» والعنوان هو معاوية – اولا ومن ثم – الحسن والحسين. ووفقا لتقاليدنا وعاداتنا التي من المفروض ان يراعيها المنتج، فان المفروض ان يأتي الحسن والحسين في المقدمة. ليس لانهما سبطا رسول الله، وليس لان أباهما علي بن طالب، وابا معاوية هو ابو سفيان، وليس لانهما يستحقان الاولوية «ابجديا».. ولكن، لان للحسن وللحسين الملايين ممن يؤمن بهما، بينما لا يتمتع معاوية بن ابي سفيان الا بمساندة من يحاول تقديس الروايات السلفية. أو على الأقل، كان عليه ان يختار اسما لا يوحي باتجاه المسلسل أو يفتح مجالا للاعتراض عليه.
لكن، لندع هذا جانبا، فهو لا يعنينا بصفتنا من المحايدين، وممن يعتقد بامكانية التحقيق وقبل ذلك التشكيك في كل الروايات المحيطة بالحسن والحسين ومعاوية، فهذا هو السبيل الوحيد لنقل التاريخ الحقيقي وعرضه، وليس فرض وجهة نظر «من تغلب» أو من قيض الله له ان يكتب أو بالاحرى ان ينقل «التاريخ» اولا. ولكن لنتساءل: هل سيسمح الوضع بعرض مسلسل يعرض وجهة النظر التاريخية المخالفة لمسلسل «معاوية والحسن والحسين»؟ بلغة يفهمها اكثر، المتحمسون لعرض المسلسل وايضا قبل مشاهدته، هل سيكون من حق السيد ياسر الحبيب على سبيل المثال ان ينتج مسلسلا عن الحقبة ذاتها والأشخاص ذاتهم، وهذه المرة «الحسن والحسين و..» يستعرض لنا فيه احداث تلك الفترة التي تشكل معركة الجمل – بما فيها دور أو لا دور السيدة عائشة بنت ابي بكر – تشكل احد اهم احداثها؟ أو على الأقل هل سيسمح مؤيدو المسلسل لعرض الامر من وجهة نظر مخالفة وحسب؟! هل هناك حقا من ينتظر الجواب؟!