أقلامهم

محمد المقاطع يعدد الإيجابيات التي مكنت الكويت من حفظ مكانتها عالميا بفضل الدستور

الرغبة الأميرية باحتفالات خمسين عاماً على الدستور  


 محمد عبدالمحسن المقاطع


 
بمبادرة سامية وكريمة من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أعلن عن رغبته وتوجيهاته بالاحتفال بمرور 50 عاما على الدستور، وهي مبادرة تؤكد تمسُّك الأمير بالدستور وحرصه على الحفاظ على المكتسبات الدستورية، التي حققتها الكويت منذ خمسين عاما وحتى اليوم، وهو عمر الدستور الحالي، ولا شك في أن هذه الرغبة الأميرية قد جاءت لتوصد الباب أمام المتربّصين بالدستور، اما الغاءً وإما تعديلا تراجعيا، وإما تجنيبا له عن الحياة السياسية والديموقراطية في الكويت، كما أنها تحمل رسالة واضحة الى أن الدستور كان ولا يزال صمّام أمان للدولة وللشعب وللأسرة الحاكمة، فبه – بعد فضل الله سبحانه وتعالى – حفظت الكويت وتمتعت – ولا تزال – بمكانة دولية وعربية وداخلية معتبرة، كما تأتي هذه المبادرة لتنبه المتعمدين والغافلين في آن واحد على أن التعدي على الدستور والخروج على أحكامه والتهاون في تطبيقه خط أحمر، أول المبادرين في الدفاع عن ذلك وفي مقدمتهم هو سمو الأمير.
فالحكومة التي تتعمد تعطيل بعض النصوص الدستورية أو تفريغها من جوهرها أو تخالفها بمناسبات متعددة، عليها أن تدرك أن ذلك هو تخط منها للخطوط الحمراء التي تأتي الاحتفالية لتوقف كل أشكالها وتنبه القائمين عليها، بدءا من رئيس الوزراء ومرورا بالوزراء واحدا واحدا.
كما أنها تنبه – أيضا – المتعمدين والغافلين من أعضاء مجلس الأمة ممن اعتاد على مخالفة أحكام الدستور باستغلاله للعضوية النيابية في تحقيق مصالح ذاتية، والحصول على مكاسب مالية، والتقصير في مهامه التشريعية والرقابية، وكذلك من يمارس اختصاصاته بصورة فيها انحراف وخروج على الضوابط الدستورية، وما أكثرهم! ومن يصبح مقسما على الحفاظ على الدستور ويمسي وهو قد نكث بقسمه وتعددت انتهاكاته له، فجميعهم اليوم أمام تذكير وتنبيه الى أن الدستور كان، وسيبقى ملاذا وحصنا للدولة ومؤسساتها من عبث العابثين وتجاوز السلطتين التشريعية والتنفيذية معا.
ان المبادرة الأميرية للاحتفال بالدستور، تعيد للكويتيين وتذكرهم وتمنحهم الثقة حول محورية الدستور وأهميته، التي تتمثل في الأمور الآتية:
– فالدستور يوم ميلاده كان تعبيرا عن استمرار فكرة التوافق بين الشعب والأسرة على المشاركة معا في الحكم، وعدم تفرد الأسرة بذلك.
– والدستور يوم ميلاده حفظ للكويت استقلالها في مواجهة مطالبات باطلة من عبدالكريم قاسم بضم الكويت الى العراق، فجاء قرارا الجامعة العربية والأمم المتحدة باعلان انضمام الكويت لهما على أساس الدستور الحالي صفعة في وجه كل الطامعين.
– والدستور الحالي أعاد للكويت شرعيتها بعد أن جاء الغزو الصدامي لها، فكان التفاف الشعب حول الأسرة عهدا ووفاءً على الالتقاء في الحفاظ على الدستور.
– والدستور الحالي أثبت أنه ملاذ الأسرة والشعب في الملمات، فكانت آلية انتقال الحكم بتفعيل المادتين 3 و4 من أحكام توارث الامارة، أساسا في تعزيز الشرعية الدستورية وحماية مكانة الأسرة والشعب، التي انتهت بمبايعة تاريخية لسمو الأمير أميرا للدولة في مجلس الأمة.
– والدستور لا يزال ينقصه التطبيق وحسن التمسك به والحفاظ عليه، وهو الذي قصد أن يجعل من الأسرة الحاكمة في موقع الحياد وبعيدا عن الصراع، ومن ثم فان رئاسة مجلس الوزراء يجب أن تبقى بعيدا عن الأسرة الحاكمة، للحفاظ على رمزيتها ومرجعيتها وحياديتها التي قصدها الدستور.
ولتكن مبادرة سمو الأمير فاتحة خير لنا جميعا وتذكرنا بأن آباءنا المؤسسين ممن وضعوا الدستور، وكان منهم سمو الأمير، رأوا – كما عبر عن ذلك الدستور – أنه دستور يجب أن يطور لمزيد من الحكم الشعبي والحقوق والحريات، وينبغي له – أبدا – ألا يتراجع عن ذلك، ولتكن حوارات احتفالية الدستور بالرغبة الأميرية هي في هذا الاتجاه الطبيعي، في ظل التطورات المماثلة في الدول الديموقراطية الحقة، خصوصا مع قدوم رياح «الربيع العربي»، لنجعل منه ربيعا حقيقيا في ظل نظام دستوري يتيح لنا أن تبقى الكويت واحة في وسط ربيع من الدستور المستقر والديموقراطية المتقدمة، فشكرا لكم يا صاحب السمو.
اللهم إني بلغت.