أقلامهم

أحمد الديين يرى مشكلة الطلبة غير المقبولين بأنها “ضاعت بين حانا” هؤلاء و”مانا” أولئك!

مشكلة القبول بين «حانا ومانا» !  
 
أحمد الديين
مشكلة عدم قبول العديد من الطلبة المتقدمين للالتحاق بجامعة الكويت ليست مشكلة طارئة أو جديدة، وإنما أطلّت برأسها منذ سنوات وقد تفاقمت هذه السنة على نحو غير مسبوق مع تزايد أعداد الطلبة، وهي أعداد ستتزايد حتما في السنوات المقبلة، ومعها ستتعمّق المشكلة وتتسع أكثر مما هي عليه الآن، وذلك في ظل قصور معالجات الحكومة في التعامل مع هذه المشكلة  وغيرها من المشكلات العامة وعجزها عن إيجاد حلول جذرية لها.
والمؤسف أنّ الجدل الدائر هذه الأيام حول دور قانون فرض التعليم المنفصل في تفاقم هذه المشكلة قد أدى إلى حدوث اصطفافات واتخاذ مواقف لا صلة لها بالمشكلة ولا تساعد على معالجتها… فالاتجاه الإسلامي لأسباب سياسية ومعه الاتجاه المحافظ لاعتبارات اجتماعية يتجاهلان التأثيرات الناجمة عن تطبيق القانون رقم 24 لسنة 1996 بشأن تنظيم التعليم العالي في زيادة الأعباء على الطاقة الاستيعابية المحدودة للجامعة عبر تقسيم الشعب الدراسية وفق التصنيف الجنسي للطلاب والطالبات التي فاقمت من حدّة مشكلة عدم القبول ومشكلة الشعب المغلقة، بل أنّ هذين الاتجاهين يتعاملان مع هذا القانون وكأنّه قانون مقدّس لا يجوز المساس به ويرفضان بشدّة توجيه أي نقد له، حتى وإن كان هذا النقد موضوعيا ويطرح بدائل متوازنة تتمثّل في توفير خياري التعليم المنفصل والتعليم المشترك في آنٍ واحد معا وفق اختيارات الطالبات وذويهن، وذلك عبر إيجاد كليات جامعية للبنات إلى جانب الكليات الجامعية المشتركة، مثلما هي الحال في مختلف بلدان العالم وفي معظم البلدان العربية والإسلامية…  بينما نجد في المقابل أنّ معظم المنتمين إلى الاتجاه الليبرالي يركّزون على التأثيرات السلبية لقانون التعليم المنفصل على مشكلة القبول في الجامعة ويتجاهلون الجوانب الأخرى المتمثّلة في التقصير الحكومي الفاضح في إنشاء جامعة حكومية أخرى إلى جانب جامعة الكويت والتأخير المريب لتنفيذ مشروع المدينة الجامعية… بينما الأصح هو تشخيص المشكلة من جوانبها المختلفة المتمثّلة في الآثار السلبية المترتبة على فرض نظام التعليم المنفصل بين الطلاب والطالبات، وكذلك في التقصير الحكومي الفاضح في إنشاء جامعة أخرى والتأخر في انجاز مشروع المدينة الجامعية، بالإضافة إلى قرارات الإدارة الجامعية التي ساهمت في تعقيد المشكلة، وقصور نظام البعثات الداخلية في الجامعات الخاصة الذي لا تزيد مقاعده في الفصل الدراسي المقبل عن 1910 مقاعد، ناهيك عن عدم كفاءة هذه الجامعات التي تحوّل بعضها إلى “دكاكين” ذات أهداف تجارية بحتة، وضآلة حجم ميزانية البعثات الدراسية الخارجية التي لم تعد تتناسب مع تزايد أعداد الطلبة  المتجهين إلى التعليم الجامعي.
 ومن بين ما يُثار من دعوات لحلّ مشكلة القبول في الجامعة دعوة غير جادة تطالب الحكومة بإصدار مرسوم قانون ضرورة وفق المادة 71 من الدستور بتعديل القانون رقم 24 لسنة 1996 بشأن تنظيم التعليم العالي باتجاه إلغاء نظام التعليم المنفصل… فالحكومة في الغالب ليست في هذا الوارد لاعتبارات عديدة، وكان الأحرى بأصحاب هذه الدعوة أن يطلبوا من نوابهم المحسوبين على اتجاههم تقديم اقتراح بقانون في هذا الشأن، ولكن هؤلاء يدركون أنّ تصويت بعض النواب المقربين إليهم، إذ استثنينا النواب صالح الملا والدكتورة أسيل العوضي وعبدالرحمن العنجري، سيراعي في الغالب اعتبارات النفاق الاجتماعي والحسابات الانتخابية وسيجدون حرجا في تأييد مثل هذا الاقتراح بقانون في حال تقديمه، فجاءت هذه الدعوة غير الجادة في شأن مرسوم قانون الضرورة خلال العطلة الصيفية لتقذف كرة الحرج من ملعبهم إلى ملعب الحكومة، وهي دعوة أثارت وتثير الجدل البيزنطي ولكن من دون أدنى طائل أو أي نتيجة ايجابية، ومن الطبيعي أن يتلقف بعض النواب من الطرف المتزمت هذه الدعوة غير الجادة ليبالغ في ردّة فعله تجاهها ويصوّرها على أنّها جزء من “صفقة مع الحكومة” وذلك من أجل الحصول على المزيد من الكسب الانتخابي على حساب مشكلة الطلبة غير المقبولين التي “ضاعت بين حانا” هؤلاء و”مانا” أولئك!