احموا عزيز قوم… صام
د.وائل الحساوي
نهنئ قراءنا الكرام بحلول شهر رمضان المبارك علينا، ونسأل الله تعالى فيه المغفرة والرحمة لجميع المسلمين.
إن من ينظر إلى المتغيرات التي حدثت من حولنا منذ شهر رمضان الماضي ليدرك بأن العالم يتغير بشكل كبير وأن الأمور لا تبقى على حالها، وما يدريكم أن دعواتنا الصادقة في رمضان الماضي قد قادت إلى الكثير من التغيير الايجابي في أحوالنا وأن كثيراً من الشعوب المسلمة المقهورة قد تحققت دعواتها وزال كابوس الظلم عنها!!
لا أدري لماذا كتب علينا، أنه كلما حل شهر رمضان الكريم علينا أن تتصاعد لغة الحديث عن المسلسلات والأفلام وصراع المنتجين، ولماذا لا يجد هؤلاء المؤلفون والمنتجون إلا شهر رمضان ليتصارعوا عليه وليملأوا شاشات الفضائيات به؟! ولماذا لا تطيب ليالي رمضان إلا بمتابعة عشرات التمثيليات والمسرحيات والأفلام؟! وليت المنتجين قد اكتفوا بالمسلسلات الهادفة والقصص التاريخية، لكن بعضهم قد نسي بأننا في أحضان شهر القرآن، شهر العبادة والدعاء فراح يتحفنا بمسلسلات أقل ما يُقال عنها بأنها تجرح مشاعر الناس مثل مسلسل بنات الثانوية الذي أظهر استفتاء بسيط لجريدة الوطن بأن ثلثي الشعب الكويتي يرفضه لما فيه من تحريض لأبنائنا وبناتنا على العادات السلوكية المنحرفة.
أما الأمر الأشد استغربا فهو تسابق الناس على أنواع الطعام والشراب وكأنما رمضان هو شهر الأكل وكأنما هو مسابقة سنوية لأحسن طبق تنتجه مطابخنا وتتبدد من أجله جهود نسائنا!!
بل ان ربات البيوت ليقضين أشهرا طويلة في التجهيز لأطباق رمضانية جديدة، وتجد الجمعيات التعاونية والمطاعم والمخابز وكل ما يمت للأكل بصلة يستنفر جميع طاقاته لإنجاح شعار «رمضان شهر الأكل».
أما شوارعنا فستمر باختبار جدي حيث لا أتصور بأنه ستبقى سيارة أمام بيتها مساء، بل الكل سيدخل تلك الشوارع الضيقة والقليلة، ونحن نتكلم عن مليون وستمئة سيارة تسير في الوقت نفسه في الشارع، وبالطبع فإن الدواوين ستطفح بالزائرين والأسواق بالمشترين والمطاعم بالآكلين.
أما في النهار فما أكثر الأعذار والغياب والإهمال والأعصاب المتوترة وشعارهم هو: «ارحموا عزيز قوم صام»، انها بحق سرقة وأي سرقة، سرقة رمضان من الصائمين، لكن هنالك جانب مضيء هو الذي يعطي رمضان رونقه بالرغم من كل ما ذكرناه، ألا وهي المساجد العامرة بذكر الله وتقاطر الناس على الفروض وصلاة الجماعة والتراويح وقراءة القرآن، والدروس الدينية التي أصبحت وزارة الأوقاف تتفنن فيها وتحسن تنظيمها ونشرها في جميع المساجد، وكما ان البعض يتحير فيما يختاره من مسلسلات يشاهدها فإن كثيرا من الناس يتحيرون في أي مسجد يصلون من كثرة القراء الجيدين.
كذلك فإن عشرات الآلاف تتسابق على السفر إلى بيت الله الحرام لكسب الأجر والمثوبة، أما الصدقات فهي صفة أهل الكويت الدائمة التي لا ينافسهم فيها أحد، وها هي مجاعة الصومال تفتح ضمائر الآلاف للتسابق على دعم اخوانهم الذين يموتون عطشا وجوعا.
إن رمضان هو سباق بين الخير والشر فدعونا نصطف مع أهل الخير ونكثر سوادهم ونترك اللهو والعبث لعل الله تعالى أن يمن علينا بالخير والمغفرة.
أضف تعليق