صمتكم يقتلهم.. ويخنقنا
د.حنان الهاجري
كم هو جميل أن تتسارع خطوات الكويت ـ حكومة وشعبا ـ من أجل المساهمة في إنقاذ البشر في القرن الأفريقي من كارثة إنسانية تسببت فيها الطبيعة، وكم هي مذهلة في تخاذلها وبطئها تلك الخطوات الرسمية والشعبية التي تم توجيهها باتجاه الشام، حيث يواجه الشعب السوري الآن مساعي رسمية لإبادته. وهذا ليس ادعاء شخصيا مني، بل ان مستشاري الأمين العام للأمم المتحدة المتخصصين في الوقاية من الإبادة الجماعية، كانوا قد أبدوا قلقا بالغا في يونيو الماضي حول الهجوم المنظم والواسع الانتشار من قبل قوات الجيش والشرطة على المدنيين هناك، الذي يُخّلف وراءه أعدادا مرتفعة من القتلى. وهذا ما توصّلت إليه منظمة العفو الدولية في الشهر الماضي أيضا، مطالبة الأمم المتحدة بإحالة الحكومة السورية للمحكمة الجنائية الدولية.
فجريمة الإبادة الجماعية كما عرّفتها اتفاقية منع جريمة الإبادة والعقاب عليها، الصادرة بموجب القرار رقم 260 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948، هي تلك الأفعال التي تُرتكب من أجل القضاء كليا أو جزئيا على جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية عبر قتل أفرادها، أو التسبب في إحداث أضرار بدنية أو فكرية جسيمة بهم، أو التسبب في أذيتهم نتيجة تهيئة ظروف حياتية قاسية تعجّل بهلاكهم وفنائهم كليا أو جزئيا. وكل هذا يحدث للشعب السوري الآن، فما الذي تبقّى لتخرج الحكومة الكويتية عن صمتها بخصوص سوريا وشعبها المقموع؟ وماذا تنتظر منظمات المجتمع المدني التي انتفضت يوما لضحايا مجاعة ندر فيها الطعام، وصمتت في يوم آخر أمام ضحايا مجاعة شحت فيها الرحمة، لتتخذ موقفا إنسانيا، وإن كان بالكلام وعلى الورق؟ الآن تمر علينا ذكرى حري بها أن توقظ فينا مشاعر يبدو أنها ماتت مع تقادم الزمن وتساقط الأحداث من الذاكرة، وهي التي من المفترض بها أن تجعلنا أكثر الشعوب العربية تهيّؤا لفهم ما يمر به الشعب السوري المغدور والتعاطف معه.
إن راقبت ردود الأفعال الشعبية الكويتية تجاه الكارثة الإنسانية في سوريا، حيث يواجه شعب أعزل جبروت دبابات مجيّشة تقصفه من دون رحمة ولا هوادة، ستجدها تعاني من الدُّوار وتحتاج مَن يأخذ بيدها رسميا حتى تتلمس ملامح الطريق إلى أهل سوريا في الداخل أو المُهجّرين منهم. وحدهم بعض أعضاء مجلس الأمة يقفون مؤذنين في مالطا، منادين باتخاذ موقف واضح وجريء مما يحدث، لتذهب أصواتهم أدراج الرياح.
نريد لحكومتنا أن تنضم لقطار مساندة الشعب السوري الذي سبقنا إليه الإيطاليون والفرنسيون والبريطانيون والأميركيون رسميا، فنحن أولى بقطع تذكرة الدرجة الأولى فيه منهم جميعا. فعلى أقل تقدير لنقم بتعريف دم السوريين المسفوح أمامنا عبر شاشات التلفاز على أنه دم بشري، يشبه ذلك الذي يسري في عروقنا، ثم لنستفق قليلا فصمتنا يقتلهم! إن صمت حكومتنا والحكومات العربية يذبحهم من الوريد إلى الوريد، ويقصف ما يعضّون عليه بالنواجذ من عزيمة، ويهدر ما يلتحفون به من بقايا أمل.
أضف تعليق