أقلامهم

وائل الحساوي يسرد عدداً من قصص الرؤساء الذين كان كل منهم نموذجاً آخر لفرعون مصر

السر في تكرار قصة فرعون


د.وائل الحساوي


 


تلاوة القرآن في هذا الشهر الفضيل لها طعم مميز فهي تأخذ الانسان في جولة طويلة من التفكر والخشوع والتدبر لآيات الله في الكون، كما ان الانسان يقف من خلالها في محطات يتزود منها بالفوائد التي تعينه في حياته المعيشية والفكرية والنفسية.
ذكر لنا كتاب الله تعالى قصصا كثيرة تدور حول نصره تعالى للمؤمنين وعقوبته للظالمين، وكيف زلزل تعالى عروش الطغاة الذين يتجبرون في الارض ويظلمون الناس ومنها قصة فرعون التي تتكرر في القرآن «إن فرعون علا في الارض وجعل أهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، انه كان من المفسدين، ونريد أن نمّن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين» ثم تمضي القصة لكي تصل إلى نهاية فرعون «فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين».
لقد شاهدت في حياتي القصيرة العديد من الامثلة التي تجسد انواعا من الفراعنة ورأيت كيف كان مصيرهم على يد شعوبهم، فها هو شاه ايران (محمد رضا بهلوي) الذي حكم ايران عام 1941 كان يعتبر شرطي الولايات المتحدة الاميركية في الخليح والذي بالغ في التبذير وانفاق الاموال على اسرته وعلى زوجته (فرح ديبا) قبل ان تخلعه الثورة الايرانية عام 1979 وتطرده شر طردة، كذلك شاهدنا ماركوس في الفيليبين الذي حكم عشرين عاما وسرق المليارات من خزينة بلاده وطغى على شعبه قبل ان تحكم عليه المحكمة بالخلع ثم بمحاكمته على جرائمه.
كما شاهدنا «سوهارتو» الذي حكم اندونيسيا 32 عاما وكان رمزا للوطنية قبل ان يتحول إلى الفساد السياسي والقمع ضد شعبه إلى ان اجبره شعبه على الاستقالة عام 1998 ثم تمت محاكمته على الفساد.
وشاهدنا «تشاوشيسكو» الشيوعي الذي حكم رومانيا بالحديد والنار مدة 22 عاما إلى ان خلعه شعبه ثم اعدموه هو وزوجته عام 1989 والامثلة كثيرة.
اما في بلادنا العربية فقد شاهدنا مصير «أنور السادات» على يد شعبه خلال اكبر استعراض عسكري لاثبات قوته بعدما طغى وتجبر والقى آلاف المصريين في السجون، اما ابناؤنا الصغار الذين لم يعرفوا ما يجري في العالم من حولهم فقد شاهدوا عددا من الامثلة الفرعونية خلال سنوات اعمارهم القصيرة، فقد شاهدوا اكبر مجرم عرفه التاريخ (صدام حسين) الذي اهلك الحرث والنسل وقتل الآلاف دون طرفة عين، شاهدوه وهو يقبع في حفرة تحت الارض مختفيا عن الانظار ثم شاهدوه مدلى من حبل المشنقة، كما شاهدوا الرئيس التونسي «زين العابدين» يهرب خوفا من غضب شعبه عليه، وشاهدوا «حسني مبارك» في السجن مع ابنيه وزوجته يخضع للمحاكمة، وشاهدوا «علي صالح» وقد تحمّش جسمه من اثر الانفجار الذي كاد يودي بحياته، وهم موعودون بمشاهد اخرى قريبا بإذن الله والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما بال بقية الطغاة لا يفكرون في مصير اخوانهم المروع ويبادرون إلى اصلاح اوضاع بلادهم قبل ان يصلوا إلى نفس مصيرهم المحتوم؟!
يقولون إن في كرسي الزعامة صمغا من نوع عجيب لا هو يُفلت من يجلس عليه ولا هو يجعله يفكر في مصيره بعد ان يترك الكرسي!! ويكفي ان نتدبر كلام الله تعالى «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير».