أقلامهم

علي الذايدي يرى أن التجار باتوا يمشون كالطاووس بعد إبعاد الشيخ أحمد الفهد، لكنه يقول لهم: سليحط

تجارنا الأعزاء…. سليحط  
 
علي الذايدي
 يبدو أن طبقة التجار في الكويت لم تكتف بالاستحواذ على مقدرات البلد وخيراته النفطية فحسب، ولكنهم بدؤوا أيضا باستعراض عضلاتهم على المكشوف وبيان قدراتهم على أنهم قادرون حتى على خلع أي شيخ لا يروق لهم ويخالف خط سيرهم،وإن كان من شيوخ الدرجة الأولى.
فهاهم اليوم يمشون كالطواويس بعد أن أبعدوا الشيخ احمد الفهد عن الحكومة، واستبدلوه بوزير آخر يناسب المقاس الذي يريدونه، ولسان حالهم يقول«أنا الدولة، والدولة أنا»، وكأن الذي يدير البلاد هي غرفة التجارة والصناعة وليست حكومة الشيخ ناصر.
قبل أن يصنفني أحد بأني من«ربع الإسطبل» أو من«فداوية الشيوخ»أحب أن أوضح أن الخلاف بين أبناء الشهيد وأبناء تجار البندقية توضحه عبارة«فخار يكسر بعضه»، ولكني أيضا يحز في نفسي أن أرى طبقة التجار في الكويت تستفحل وتستعرض عضلاتها على الساحة الكويتية،  فلا يصل إلا من يريدون له الوصول، والدليل بنك التسليف، وديوان المحاسبة، وإدارة الفتوى والتشريع وغيرها الكثير.
فالتجار ممثلون بالتحالف الوطني اختزلوا البلد لهم ولهم فقط، واستطاعوا أن يشكلوا بعض التحالفات مع الحكومة ونواب الموالاة «العقلاء جدا» لكي يزدادوا قوة ونفوذا يتعدى حتى قدرات السلطات الثلاث مجتمعة.
لا أستطيع أن ألوم التجار على توسع نفوذهم، فالسياسة لعبة يفوز بها من يجيدها، ويبدو أنهم محترفو سياسة، ولكن ما يغضبني و«يدبل جبدي» هو دفاع البعض عن طبقة التجار دفاعا مستميتا وكأن الكويت ستسقط من الوجود كدولة إذا اختفت هذه الطبقة أو نأت بنفسها عن الحياة السياسية في البلاد.
لو أردنا أن نشكل ميزانا تجاريا نقيس فيه ماذا قدم التجار للكويت وماذا قدمت الكويت لهم، فسنرى أن الكويت قدمت لهم الكثير، وأن ثرواتهم التي تنافس حتى التجار في الغرب والولايات المتحدة الأميركية مرده الصفقات الحكومية التي ترسيها الحكومات الكويتية المتعاقبة على شركاتهم الضخمة، وأن أسماءهم التي تنشر في مجلة فوربس لأكثر الشخصيات ثراء في العالم سببه مليارات البلد التي حولوها إلى حساباتهم الشخصية في بنوك سويسرا بحجة أنها استثمارات للأجيال القادمة ولكنها في الحقيقة استثماراتهم الخاصة، فيتاجرون بها ويأخذون الأرباح لهم، وعند الخسارة يطالبون الحكومة بالتسديد عنهم، وهو ما تفعله الحكومة دائما، فلا أحد يرغب بأن يغضب «شايلوك» تاجر البندقية.
والآن أتمنى أن يجيب احد على هذا السؤال: ماذا فعل التجار للكويت؟ هل مستشفى هنا أو مركز صحي هناك يعتبر عملا عظيما يستوجب من الدولة الخضوع لهم؟ وماذا يكلف هذا المستشفى أصلا؟ التجار يقومون فقط ببناء المستشفى من حديد واسمنت وهو لا يكلف شيئا لأنهم يبنونه في شركاتهم الإنشائية، ويسلمونه للحكومة التي تزوده بالأدوات والمعدات الطبية الغالية الثمن، ومن ثم تتعاقد مع الكوادر الطبية من أطباء وممرضين وتدفع رواتبهم، وبالتالي لا يكون هذا المستشفى أكثر من لوحة إعلانات عليه اسم شركة هذا التاجر أو ذاك.
فقط على سبيل المثال لنرى ماذا قدم تاجر مثل روبرت ميردوخ لوطنه بلا مقابل، فقد تبرع بقطعة أرض تقع على الشاطئ الشرقي لجزيرة مانهاتن، وهي منطقة لا تقدر الأراضي فيها بثمن لأنها في قلب المركز التجاري والاقتصادي لعاصمة العالم نيويورك، لكي تبني عليها حكومة الولايات المتحدة مبنى الأمم المتحدة، وقبل أن يموت تبرع بثلاثة أرباع ثروته لمساعدة المحتاجين ومراكز الرعاية في بلاده، وهذا بيل غيتس أغنى رجل على وجه الأرض يتبرع بأكثر من نصف ثروته لفقراء الولايات المتحدة وإفريقيا، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، بينما نرى أن تجارنا يتناقلون ثرواتهم كابرا عن كابر، ولا يتبرعون فيها إلا لأبنائهم بعد موتهم المفاجئ في جزر الكاريبي والبهاما.
سياسة القطب الواحد ستؤدي إلى خلل كبير في المجتمع الكويتي، ولابد من إيجاد قطب آخر يماثل التجار قوة ونفوذا حتى لا يتحكم احد في مصير الشعب وثرواته وحقوقه، ولكن متى يأتي هذا اليوم؟!
 
خاطرة
 
كلما أفطرت أدعو الله ألا يأتي عيد الفطر وبشار الأسد على كرسي الرئاسة في دمشق، المحب يقول « آمين»