أقلامهم

محمد مساعد الدوسري لا يستبعد إهدار دم الحكومة في المستقبل القريب لهذه الأسباب

إهدار دم الحكومة قادم  
 
محمد مساعد الدوسري
 تعتقد حكومتنا أنها بمنأى عما يجري حولها في المنطقة، مستمتعة بانشغال الناس في الأحداث العظام التي تلف دول الجوار من ثورات ومذابح وسقوط لأنظمة وبزوغ لقوى سياسية جديدة، وهي بذلك تستمر في سياساتها الفاشلة القائمة على عدم استشعار الخطر أو معرفة أسبابه، فهي حكومة قائمة على تقطيع الوقت حتى تجد نفسها في مأزق، لتستقل أو يحل المجلس وتعود من جديد، وليست حكومة دولة تسعى للبناء وترنو لمستقبل أفضل.
حكومتنا التائهة ستسقط قريبا لعدة أسباب، قد يكون أحدها استمرار الفشل المستمر في إدارتها للأزمات المتعددة التي يواجهها الشعب في أكثر من ملف، سواء كان في ملف التجاوزات الكبيرة في المناقصات، أو في تبديد المال العام، أو في ملف التعليم أو الصحة أو السياسة الخارجية، وهلم جرا، علما أن أي ملف من هذه الملفات منفردا كفيل بإسقاط أي حكومة تلتزم بالدستور وتحترم إرادة شعبها، إلا أن ما سوف يسقط الحكومة هو سبب آخر قد يكون مرتبط بالقضايا السابقة، إلا أنه سيكون جامعا لها ومتجاوزا للمطالب الخدمية أو إيقاف مؤسسات الفساد.
سقف المطالب الشعبية في الكويت سيرتفع حتما بعدما شاهد العالم أجمع سقوط أنظمة دكتاتورية لتحل محلها أنظمة ديمقراطية شفافة كما هو متوقع في المستقبل القريب، والكويت التي كانت رائدة في المنطقة على مستوى الحريات والديمقراطية، ستصبح في ذيل القائمة قريبا، وهو ما لا يتفق مع طبيعة الشعب الكويتي الطامح دوما إلى مزيد من العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة والإصلاح، وهذا ما سوف يرفع سقف المطالب كما جرى في الفترة البسيطة الماضية، لأن ما جرى في المنطقة يمكن تفسيره بأنه أكبر فتوى لإهدار دم الفساد سياسيا  في العالم، حيث تساقطت الأنظمة واحدا تلو الآخر بعد فتوى البوعزيزي، ومن المتوقع أن تتحول المطالب الخجولة بتسليم رئاسة الوزراء إلى الشعب في السنوات الماضية، إلى شعار في كل مظاهرة أو تجمع لفعاليات شبابية أو حزبية أو شعبية، وهو تحول يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار، إذ إن ارتفاع نغمة المطالبة بتسليم رئاسة الوزراء إلى الشعب سترتفع في المقبل من الأيام بعد أن تيقن الشعب من سوء الإدارة الحكومية وانعدام البديل القادر، وهو ما يسوق له حتى الآن على مستوى قيادات الدولة.
المطالب الشعبية والشبابية خاصة لا يمكن توقعها، وهذا أمر سيطرح في الفترة المقبلة القريبة، وأنا على يقين أن المطالب الجديدة ستجد مواجهة شرسة من الحكومة وغضبا منقطع النظير، وهو أمر متوقع لأن الحكومة لا تعي مدى التغيير الذي طرأ على عقلية الشباب الكويتي المتأثر بمحيطه العربي والإقليمي، واعتقد جازما أن المطالب الجديدة التي ستثير غضب الحكومة ستؤدي إلى صدام حكومي شعبي لا محالة، وهذا ما سوف يدخلنا في مرحلة جديدة من مراحل التاريخ السياسي الكويتي، والذي يمكن التنبؤ بمستقبله متى ما استوعبنا ما جرى على الساحة السياسية الإقليمية بوعي وعقلانية بعيدا عن التشنجات والتحليلات الخاطئة ومستشاري السوء.
الحكومة مدعوة إلى قص الحق من نفسها إن كانت عاجزة عن إدارة البلاد كما هو باد لكل ذي عقل، وهذا أمر لا يقوم به إلا من يستشف المستقبل ويعي مدى ترابط الأحداث في المنطقة وتأثيرها على الشعب الكويتي، وأي مواجهة للحراك الشبابي المقبل هو استنزاف بطيء لعادات وتقاليد شعبية لا تزال راسخة في وجدان الشعب، إلا أنها قابلة للسقوط متى ما استمر هذا الاستهتار الحكومي بمطالب الشعب وفئاته المتعددة، علما أن سقوط الأنظمة العربية حولنا كانت لأسباب متعددة، منها تزاوج المال مع السلطة، والبطانة السيئة، وتدمير الطبقة الوسطى، وتركيز السلطة في يد القلة، والاستئثار بخيرات الوطن وحرمان الشعب، والفساد الإداري والمالي، وتغول التجار، وإثارة الفتن المذهبية والطائفية، والتمييز بن الفئات الاجتماعية، ومن يملك العقل يرى أن كل ما سبق أصبح واضحا للعيان في الكويت، فهل ننتظر السقوط قريبا؟ أم نتجه للإصلاح الحقيقي وعلى رأسه استبعاد العاجزين عن قيادة الحكومة؟.