أقلامهم

محمد مساعد الدوسري يكتب عن معركة الخطوط الجوية الكويتية

معركة الخطوط الجوية الكويتية  
محمد مساعد الدوسري
 
مع اقتراب خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، يشتد الصراع بين أطراف عده للحصول على الحصة المقرر خصخصتها، وما التسجيل الذي تم تسريبه لرئيس مجلس إدارتها إلا حلقة من هذا الصراع الذي يدور حولها، فكل ما علينا هو الانتظار لمعرفة من سيفوز بهذه الحصة لتتضح الصورة أكثر حول من يثير الزوابع حولها ويفتعل المشكلات حتى غدا الأمر مرتبطا بفضائح مالية وضرب للوحدة الوطنية.
ما يجري للكويتية هو حلقة من سلسلة الصراع على تركة موارد الدولة ومرافقها المدرة للمال، ففي زمن الفساد والفوضى يصبح الصراع بين التجار والشيوخ التجار ظاهرا للعلن بشكل فج، وهو ما يكشف حجم الأزمة التي تعيشها البلاد بعد أن تحول التسابق على احتلال المرافق إلى مسلسل مؤلم يوضح أيلولة الأمور إلى من يدفع أكثر أو من يستخدم أساليب أكثر وضاعة.
التسجيل لرئيس مجلس إدارة الكويتية يوضح مسألة أكثر خطورة، وهي مدى ما وصلت إليه هذه الصراعات من انحطاط انتهى بالقوى المسيطرة إلى الاستعانة بالطرق التجسسية والاستخباراتيه للإيقاع بالخصوم، وهو ما يدفع البعض للاعتقاد بأن ما جرى قد يكون بمعرفة جهات لها علاقة بهذه الأساليب المستوردة، إذ إن التسجيل وانتزاع الأدلة أو صناعة الأدلة هي طريقة من طرق أجهزة استخباراتية متعودة على مثل هذه الأساليب.
الأمر الآخر الذي يجب الإشارة إليه، هو ما وصلت إليه الأحوال السيئة في البلاد لدرجة استغلال الفتن الطائفية من أجل تحقيق مصالح شخصية، وهو ما يكشفه التسجيل الذي تم من خلاله البحث في مسائل تمس طائفتين، ولعل الذين حذروا طوال سنوات مضت من خطر اللعب بالورقة الطائفية غير متفاجئين الآن، لأن مآل الأمور في مثل هذه الأحداث هو تضخم الفتنة حتى تصل لكل مكان من مفاصل الدولة، ومن يزرع الريح يجني العاصفة كما قيل، وعلى ذلك فما سكتت عنه الحكومة طوال سنوات انفجر في وجهها مؤخرا سواء في هذه القضية الطائفية أو في قضايا أخرى لعل أحدها سؤال النائب حسين القلاف عن قبول عدد معين من أبناء طائفة في دورة ضباط الشرطة.
العبثية نجدها في بحث هذه القضايا والتغاضي عن أصل المشكلة، وهي الحكومة التي راهنت على الورقة الطائفية لضمان بقائها لفترات أطول، إذ إن بوجود مثل هذه الحكومة برئيسها ووزرائها هو الخطر الأكبر الذي يتهدد الدولة، فمتى ما تحولت إدارة البلد ممثلة في الحكومة إلى لاعب رئيسي في القضايا الطائفية فليعلم الجميع أن الفتنة ستتمدد لتصل الجميع، حتى من كان في منأى عن الفتن الطائفية لن يسلم منها، وعلى ذلك فإن توجيه أصابع الاتهام إلى الحكومة وتحميلها تبعات ما وصلت إليه الأمور هو الطريق الصحيح لمعرفة الداء والقضاء عليه.
معركة الخطوط الجوية الكويتية هي معركة مفتوحة التوقعات بالنسبة للنتائج، وكما دخل فيها استخدام الأساليب الاستخباراتية، فإنه من المتوقع استخدام أساليب أخرى أكثر سوءاً وتدميرا للدولة، وكل ذلك ببركات تجار الحروب الطائفية الجدد، ممن لا يتورعون من الزج بالطوائف والدولة في صراعات خطيرة لمجرد تحقيق مكاسب شخصية وتنمية لثروات جاءت أصلا من منابع مشبوهة.
 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.