تنمية الفساد أم تنمية البلد يا سمو الرئيس؟!
عبدالله المسفر العدواني
ما قيل عن خطة الحكومة للتنمية والميزانية المرصودة لها والمقدرة بـ 37 مليارا خفّضت الى 30 مليارا جعلنا نعيش في حلم ولا أحلى ولا أروع وقلنا إننا سنعيش في بلد تتحقق فيه التنمية والنهضة وأن الكويت ستستعيد مكانتها الطبيعية كدولة رائدة ومتطورة وحديثة وتكون بحق هي عروس الخليج أو الدانة أو اللؤلؤة التي خفت بريقها منذ سنوات.
خطة التنمية الحكومية جعلتنا نعيش في وهم كبير صنعته حكومة سمو الرئيس الشيخ ناصر المحمد على مر السنوات، جعلتنا نعيش في وهم وأمل في أننا كشعب سنلقى كل الرعاية في الصحة والتعليم والإسكان وغيرها من الأمور الكثيرة التي جعلت المواطن الكويتي يظن أنه سيعيش في المدينة الفاضلة وجنة الله على الأرض.
ولكن الحقيقة اننا نعود يوميا ونحن نجر أذيال الخيبة ونمصمص شفاهنا من الحسرة على ما ضاع وما فات وما سيفوت وما يحدث وسيحدث بناء على معطيات تأتينا من كل حدب وصوب، وباتت خطة التنمية مجرد ورقة تلوح بها الحكومة لكسب ود الشعب المغلوب على أمره.
وما بين تنمية هي عبارة عن حبر على ورق ومصائب الحكومة المتكررة وإخفاقاتها واللعبة السياسية وشراء ولاءات النواب وتجيير مفهوم الديموقراطية وتحويله لمفهوم جديد يرضي هوى الحكومة، أصبحت سمعة بلدنا في الحضيض على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية معا، وبعد أن كان العالم يراقب تجربتنا الديموقراطية الفريدة أصبح يتابع ما هو أشبه بالمسرحية الفكاهية السوداوية، وما يفعله النواب الذين باعوا ضمائرهم، ويتابع ما يحدث في الاستجوابات التي أصبحت نتائجها معروفة مسبقا حتى وإن كان في هذه الاستجوابات ما هو كفيل بأن يسقط أعتى حكومة، فالنتيجة هي دحض أي استجواب وفوز الحكومة بالثقة والتعاون، والبركة في النواب أصحاب الذمم الواسعة.
شراء الولاءات لا نزعم أنه يحدث في بلدنا فقط، وتكتيكات الحكومات السياسية أمر لا مفر منه، ولكن ما يحدث في بلدنا بهذه الكثافة وهذه المبالغ وهذه الأساليب أمر أزعم أنه فريد ولا يوجد مثله في أي دولة في العالم، والدليل تصريح البنك الدولي الأخير والذي حذر فيه من تحول الكويت الى بيئة ملائمة لغسيل الأموال.
المضحك المبكي أن هذه السياسة في شراء الولاءات ليست مستحدثة ولكن الآن أصبح اللعب على المكشوف فبعد أن حدث تعارض مصالح بين الحكومة والتجار ظهرت على السطح فضيحة الـ25 مليون دينار الأخيرة التي أودعت في حسابات بعض النواب، وبعد أن كانت البنوك تتستر بشكل أو بآخر على المرتشين جاء اليوم الذي تتسرب فيه المعلومات عن قصد لفضيحة السلطتين.
يا سادة القضية الآن أكبر بكثير من شراء نواب أثمانهم معروفة، فهذا أمر لا جدال فيه بعد أن مر علينا الكثير من النواب الذين يدخلون المجلس وهم فقراء من عامة الشعب ويخرجون منه مليونيرات، القضية الآن حتى أكبر من الـ 25 مليون دينار، القضية قضية مليارات تعارضت فيها المصالح بين الهوامير فظهر لنا هذا الرقم البسيط الذي هو بداية لأرقام أخرى أكبر وأخطر، والخاسر في النهاية هو الكويت وأبناء الشعب العاديين الذين ينتظرون كل نهاية شهر بفارغ الصبر ليدفعوا الأقساط المتأخرة ويشتروا الالتزامات الضرورية لابنائهم.
الآن، لم يعد هناك أي مبرر لبقاء هذه الحكومة التي رسمت لنا الحلم ورمتنا على صخرة الواقع، فعليها أن ترحل اليوم قبل غد وكفانا ما نعانيه من تهميش ومن ترد في كل الخدمات بداية من التعليم ومرورا بضروريات كثيرة أخفقت في تحقيقها لنا، فهل نصحو من هذا الكابوس لنجد أنفسنا على عتبات عهد جديد ليس فيه حكومة كهذه؟!
أضف تعليق