«طريج 25 مليوناً»… سكة سد
وليد عبدالله الغانم
ليست المرة الأولى التي تكشف فيها قضايا فساد في الدولة يكون أطرافها نواباً في مجلس الأمة، باعتبار أنه حتى الآن لم يعلن من هو الطرف الثاني الرئيسي في قضية الـ 25 مليوناً، لنعلم إن كان طرفاً حكومياً مباشراً أو مستتراً، أم كان طرفاً خارجياً، سواء كويتياً، وهي مصيبة، أو غير كويتي، وهي كارثة.
لست بحاجة إلى أن أعدد قضايا الفساد الحكومي والنيابي المنفرد والمشترك، فهذه سالفة الكويتيين اليوم وكل يوم، ومن الأمانة القول إنها استشرت خلال العقدين الأخيرين بصورة فاحشة، عندما اكتشفت فئة من المرشحين أن خير وسيلة لتكوين الثروات هي المقعد النيابي، ووافق هذا الهدف هوى بعض أصحاب النفوذ من داخل النظام وخارجه، فعاثوا في الأرض فساداً.
لا أدري، أين ستؤول هذه القضية على المستوى السياسي؟ فلا مجلس الأمة الموقر بنوعية أعضائه الحاليين قادر على تصحيح الأوضاع، خصوصاً مع الشبهات التي تحوم حول عدد منهم بتغلغلهم في هذه الملايين، ولا الحكومة الموقرة ذات رصيد من القرارات الإصلاحية الصادقة لنطمئن إلى معالجتها للأمور، هذا إذا استبعدنا أنها طرف في الموضوع.
رب ضارة نافعة، وقد تكون هذه القضية الفاضحة بداية لمسلسل إصلاحي للمؤسسة البرلمانية. ومن وجهة نظري، فإن ثلاثة مسارات منتظرة قد تعيد للشعب الأمل والثقة في مصداقية أنظمة الدولة، ونزاهة مؤسساتها التشريعية والتنفيذية.
أول هذه المسارات، هو خطاب صاحب السمو، الذي أمر فيه الحكومة بإنجاز قوانين مكافحة الفساد، والتي نأمل إصدارها بالشكل الصحيح، لتكون خطوة عملية صادقة في طريق إصلاح العمل البرلماني والحكومي.
ثاني هذه المسارات، هو إحالة الموضوع إلى القضاء للتحقيق فيه، وهو أنفع ألف مرة من تشكيل لجنة برلمانية أو عقد جلسة خاصة لمجلس الأمة لمناقشة الموضوع، ونأمل أن تتوافر المعلومات والأدلة الصحيحة لكشف ملابسات هذه القضية الشائنة والمسيئة إلى الدولة بأكملها.
ثالثها، الجهود الشعبية التي انطلقت للمطالبة بإقرار قوانين كشف الذمة المالية، على أساس رقابي فعال قائم بهيئة مستقلة، تملك صلاحيات الكشف والتحري لحسابات النواب والقياديين، المالية والتجارية والعقارية، وأقربائهم، حتى لا تخرج لنا الحكومة مع نواب السعادة بقانون ذمة هوائي، مثل قانون إقرار العمولات التعيس 1996/25. يا ترى، هل ثمة نهاية صحيحة لهذا الموضوع كما يظن الناس، أم أن طريق 25 مليوناً سكة سد نعلق فيها «خمس» سنوات كالعادة؟ وللحديث بقية والله الموفق.
أضف تعليق