أقلامهم

مقال ساخن
خليل حيدر يتساءل عن أسباب غياب بنات القبائل الجامعيات المثقفات عن وسائل الإعلام

الزواج والطلاق في القبائل

 

مقال الكاتب القدير والزميل الفاضل محمد الوشيحي «من أجل شمّة واخواتها»، في صحيفة «الجريدة» يوم 2011/9/4، حول سلبيات تقاليد الزواج السائدة في بعض الاوساط القبلية، قطعة صريحة نادرة من النقد الاجتماعي الكويتي، قليلا ما نقرأ مثيلا له، في جرأة الطرح والرغبة الحقيقية في اصلاح المجتمع والبيئة القبلية والروابط الزوجية فيه على وجه الخصوص.

مقال الوشيحي دعا الى التمهل في خطوات الزواج، واتاحة الفرصة بشكل افضل لكي يعرف الشاب والفتاة المقدمان على الزواج بعضهما، بعد ان عمت البلوى مجالات الطلاق الكثيرة، التي من اسبابها البارزة، يقول المقال، «عدم معرفة الزوجين احدهما بالآخر، وان الزواج عندنا يأتي على طريقة خذوه فغلوه».

والزميل الوشيحي في مقاله، راعى الوضع الاجتماعي المحافظ والاعتبارات القبلية، واقترح حتى الاستعانة في مجال تفهم كل طرف للاخر، بالانترنت و«التويتر والفيس بوك والمسنجر وواتس اب والمكالمات الهاتفية وغيرها»، من خلال هذه الوسائل يعرف الشاب عن زوجة المستقبل «ما اذا كانت كثيرة الطلبات لحوحة، سطحية، أم (عينها شبعانة)، ذربة، هادئة. وتعرف هي ما اذا كان (ملوهدومه)، أم انه يعيش في جلباب ابيه ودراعة امه». واجزم الزميل الوشيحي في نهاية المقال «ان نسبة الطلاق ستنخفض حتى تكاد تتلاشى اذا دخل الانترنت في الموضوع. فالانترنت كله خير، يسقط الطغاة، ويقرب العقول، ويوفق رأسين بالحلال».

تعرض الوشيحي في الانترنت نفسه لهجوم كاسح من التيار القبلي المحافظ، وربما من الجماعات الاسلامية كذلك، ممن تولوا تذكيره بارتفاع نسب الطلاق في اوروبا وامريكا رغم كل ما بين الطرفين من تعارف، ولكن نمط الطلاق هناك مختلف عما يجري في مجتمعنا، ثم ان المعترضين على الوشيحي لا يقترحون أي علاج للمشكلة بل يدعون الى مواصلة السير على الدرب الاجتماعي نفسه بلا نهاية مهما كانت نسب الفشل وحالات الانهيار.

الملفت للنظر كذلك، في حدود ما استرعى انتباهي، غياب المشاركة النسائية من الشريحة القبلية المتعلمة والمثقفة في هذا النقاش والتعليق، فقضايا بناء الاسرة ودوام العلاقة الزوجية وجدوى سبل تعميق التعارف التي يقترحها الكاتب، لا تعني الشباب او الرجال وحدهم، بل للمرأة دراية بجوانب قد لا يدركها الرجل، فالكل يعرف ان البيئة الاجتماعية القبلية في الكويت قيد التغير والتحول، والظروف المعيشية التي كانت الامهات تتحملها قبل عقد وعقدين لم تعد فتاة اليوم تطيقها، كما ان توزيع المسؤوليات المالية والزوجية باتت مشتركة بعد ان دخلت نسب عالية من النساء الكويتيات من كل الشرائح الاجتماعية مجال العمل، كما ان الفتيات يشكلن اغلبية طلبة الجامعات.

هناك غياب اوضح للنخبة المثقفة والمتعلمة والسياسية من ابناء القبائل في القضايا الاجتماعية، فنحن نرى عددا كبيرا منهم بين الكتاب والاعلاميين المتحدثين في الشأن السياسي والبرلماني والحكومي والعلاقات الخارجية وغيرها. ولكن كم من هؤلاء يقف عند الظواهر السلبية والمشاكل التي يعاني منها الوسط القبلي؟ كيف يمكن التوفيق بين ظاهرة احتراف اعداد كبيرة من ابناء القبائل لمهنة المحاماة مثلا، ومعرفتهم بالقضايا العويصة والمشاكل الاجتماعية من حولهم، وعدم محاولة معالجتها علنا باسلوب عقلاني صحيح؟ كيف يمكن لنا ان نفهم وجود هذا العدد الكبير من فتيات القبائل الجامعيات والمثقفات، وهذا الغياب الملحوظ لهن عن الكتابة والتعبير في الصحافة ومختلف وسائل الاعلام، بينما نجد العشرات وربما المئات من الرجال؟

هل سيغير الزمن والمال والتعليم والتجارب الاجتماعية الحياة الاجتماعية للوسط القبلي، أم ان باستطاعة النخبة المتعلمة المثقفة، رجالا ونساء، ان تساهم في التطوير والاصلاح؟

ربما يكتب لنا الاخ محمد الوشيحي، بخبرته وجرأته، شيئا حول هذا في مقالاته القادمة!


خليل علي حيدر