أقلامهم

ذعار الرشيدي يشبه تعامل ساستنا مع وثائق ويكيليكس بمواقف عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج في مسرحية على هامان يا فرعون

ويكيليكس «الزعفراني» و«تمقرط» ساستنا
ذعار الرشيدي


واحد من أشهر المشاهد في المسرحيات الكويتية مشهد قراءة عبدالحسين عبدالرضا لفقرات من كتاب «عجائب الزماني لابن الزعفراني» أمام سعد الفرج الذي كان يلعب دور شخصية «أبو الحصاني» متسلق تحول إلى مليونير بالاختلاس وكان يأمل في أن يجد ما يثبت أصل وتاريخ عائلته في ذلك الكتاب التاريخي الذي أحضره له عبدالحسين الذي كان يلعب دور محاسب فقير يعمل لديه، وفي بداية المشهد قال الفرج عن الزعفراني انه منصف وعادل و«جذبته صچ» وهو يسمع المديح الوارد في الفقرات الأولى عن جده الأكبر وعندما بدأ يظهر في آخر فقرات الكتاب التي يرويها عبدالحسين ما لا يعجبه وكيف أنه جده الأكبر «أبو الحصاني العود» لم يكن لص دجاح، توقف أبو الحصاني الصغير ووصف الزعفراني بالكاذب المدلس وهو الذي كان قبل 5 دقائق يراه صادقا منصفا.
طريقة تعامل البعض مع وثائق ويكيليكس المسربة تشبه تعامل «ابو الحصاني» مع كتاب الزعفراني، فإذا كانت في صالحهم قالوا انها وثائق صادقة ومنصفة وعادلة، أما إذا جاءت بما لا يناسبهم قالوا انها «زعفرانية» الهوى كاذبة.


والحقيقة أن كثيرين أخذوا وثائق ويكيليكس واعتبروها صادقة لا ترد إلا الحق، وهذا باطل ونظرة قاصرة لحقيقة تلك الوثائق، والبعض اعتبرها كذبا مطلقا وهذا أيضا باطل، ونعم ليس كل ما ورد بالوثائق بالضرورة صحيحا ولكنه على ذات الجانب تضم حقائق نقلت على لسان مسؤولين أو رفعت كتقارير استقرائية عن وضع البلد سواء في الكويت أو في غيرها، ومن قام بكتابتها أو نقلها هم موظفون أميركيون في النهاية مهمتهم نقل الأوضاع الداخلية لأي بلد لمسؤوليهم في الإدارة الأميركية من خلال التقائهم بشخصيات البلد السياسية ويوردون فيها ما سمعوا وهذا جزء من صميم عملهم وبطبيعة الحال ليس كل ما نقل على لسان بعض من ساستنا الذي سمعه الأميركيون حقيقيا فلابد أن تتدخل الأهواء في النقل، خاصة أن البعض من مسؤولينا وساستنا يحب أن «يتميلح» أمام «عمامه الأميركان»، فينقل لهم حديثا ووجهة نظر يعتقد أنها تناسبهم فيروي أحيانا ما يريدون أن يسمعه بنو العم سام أو ما يريده أن يصل إليهم والحقيقة التي يعرفها الجميع أن الساسة العرب لا يجدون حرجا في الحديث المنفتح أمام أي مسؤول أميركي.


فما ذكر في الوثائق لا أستبعد أن يكون قد قاله جماعتنا أمام أي مسؤول أميركي ولكن على ذات الجانب ليس بالضرورة أن يكون ما يقوله ويرويه جماعتنا للأميركيين صحيحا، فهل عهدتهم الصدق المطلق بجماعتنا؟! فالبعض منهم قد يزود الأميركيين بمعلومات خاطئة أو مكذوبة إما في سبيل تلميع صورته أو تشويه صورة خصومه الذين يريد نقلها عنهم إلى الأميركيين سواء كان خصومه ساسة عاديين أو من أفراد الأسرة الحاكمة، وفي الحالتين سيتعمد نقل معلومات غير دقيقة أو كاذبة ومن مهمة المسؤول الأميركي نقل ما سمعه من فلان الفلاني وعلان الفلنتاني من بني يعرب إلى مسؤوليه عبر تقارير، فمسؤوليته نقل ما سمع لا التدقيق فيه.


ما قلته لا ينفي أبدا أن ما ذكر في تلك الوثائق هو ما سمعه الأميركيون ولكن على الجانب الآخر والمهم أن ما سمعه الأميركيون ودونوه في تلك التقارير ليس بالضرورة أن يكون دقيقا أو صحيحا 100%، قد يكون فيه جانب من الصحة ولكنه ليس دقيقا خاصة أنه مستند إلى أحاديث مرسلة في الغالب تفتقر إلى الدليل أو حتى القرينة.


مرة أخرى ما ذكرته ليس براءة مطلقة مما ورد في وثائق ويكيليكس لأي ممن وردت أسماؤهم، لذلك يجب أن نأخذ منها ونقرأها بعين المقارنة قبل أن نأخذها كأمر مسلم به أو نفيها.


توضيح الواضح: معظم ساستنا إذا ما التقى أي منهم أي مسؤول أميركي تجدهم «يتمقرطون» وينظرون ويهاجمون الكبير قبل الصغير لإثبات ديموقراطيتهم بل ولا يجدون حرجا من جلد ذاتهم أمامه وسلخ جلد بلدهم حتى يظن من يسمعهم أنهم ديموقراطيين أكثر من رئيس مجلس الكونغرس نفسه، ولكن إذا التقوا بنا نحن أبناء جلدتهم لفظوا الديموقراطية وعادوا إلى طبيعتهم اليعربية وبدأوا يخرجون من بين ثنايا ملابسهم الديكتاتوري الصغير الساكن بداخلهم ويطلقونه علينا ويهاجموننا به، والمثل الكويتي يقول «يا شين شيء ما شابه أهله».