أقلامهم

محمد المقاطع منبها الى فاسد أكبر: فساد النواب يظهر أن هناك طرفا آخر في عملية إفساد الذمم

كشف الذمة المالية للوزراء… أو الفساد 


 محمد عبدالمحسن المقاطع


 
هل هناك أمل في الإصلاح السياسي في الكويت؟ سؤال لا بد من طرحه في هذه اللحظة وفي هذا الوقت، خصوصا في ظل التصريحات اللامسؤولة للحكومة ووزرائها، في شأن الذمة المالية للوزراء، فمنهم من يقول إن الوزراء فوق الشبهات، ومنهم من يقول إنه لا يجوز التشكيك بذمم الوزراء، وثالث يفيدنا بأن هناك شبهات دستورية في كشف الذمة المالية للوزراء، وغيرها وغيرها ربما من الحجج الواهية والعبارات الفارغة، والهدف في النهاية هو إقصاء الوزراء عن الخضوع لمبدأ كشف الذمة المالية.
لا شك أن الحسابات المليونية للنواب استوجبت تحركا سريعا لكشف مدى الفساد الذي ضرب اطنابه بين أعضاء مجلس الأمة، والفساد لا يمكن أن يكون فيه طرف واحد، إذ لا بد أن يكون هناك طرف آخر يغذي الفساد أو يرعاه أو يباركه أو يتستر عليه أو يسانده، وتلك الحسابات المليونية ما كانت لتتضخم لدى النواب إلا بوجود هذا الطرف الآخر، وهو ما يجب أن تبدأ الأصابع بالإشارة إليه وتسميته شخصا كان أو أكثر، أيا كان، ومهما كان، فالفاسد لا بد من أن تتم محاسبته ويلاقي مصيره إن كان متورطا.
وتأتي فكرة هالة إضفاء سياج وهمي حول الوزراء بعدم كشف ذممهم المالية وكأنهم بعيدون عن أن يتربحوا أو يستفيدوا أو تتضخم حساباتهم على حساب المصلحة العامة ومن المال العام، وهذه حجة واهية وهالة وسياج ساقطان، لأن الفساد يمتد الى جميع ممن يقبل أن يخوض فيه، ومن ثم لا يجوز أن يُعفى شخص من إخضاعه للمساءلة والتعقيب على وضعيته المالية حينما يكون في موقع المسؤولية العامة، والفساد شبهة يمكن أن تبدو على أمواله وأعماله، ولا يوجد لدينا ما ينفي أو يثبت أن الوزراء منزهون عن الفساد ماليا، مجرد كونهم وزراء، بل هذه الصفة تستوجب أن يحاسبوا أكثر من غيرهم وفقا لمبدأ «من أين لك هذا؟» الذي أرساه سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، أساسه كان حينما جاء ولاته (وزراؤه) ليقول أحدهم «هذا أُهدي لي، وهذا لكم»، فقال لهم عمر (رضي الله عنه): «أرأى أحدكم لو جلس في بيته أكان سيُهدى له؟»، وهي قاعدة عظيمة تبين أن على قدر المسؤولية تكون المحاسبة، فكلما علا منصب الشخص كان لا بد من محاسبته وتدقيق ذمته مالياً، وهنا فإن الوزراء، حتى وفقا للنظام الدستوري الكويتي، أول من يخضع إلى المساءلة عن فسادهم وشبهات تحيط ذممهم المالية وهو ما قررته المادة 17 من الدستور، وتعاقبت على ترتيب أحكامه قواعد قانون حماية المال العام، وقانون محاكمة الوزراء.
وعليه، فمقولة ان قانون الذمة المالية لا يجوز أن يمتد إلى الوزراء، قول داحض، ويُردّ على صاحبه ويضعه في موقع الشبهات في التهرب من إخضاعه لهذه المحاسبة، ويخرج علينا مفتو السلاطين، ممن تعجّ بهم الحكومة، مستشارين قانونيين ليخلقوا أعذارا واهية وجدليات دستورية غير سديدة، ليوهموا الناس ويلبوا طلبات وزرائهم والحكومة بأن هناك شبهات قانونية ودستورية في كشف الذمة المالية للوزراء، وهذه أباطيل وكذب وخيانة للمسؤولية والأمانة المسندة إليهم، ولا شك في أن موضوع الحسابات السرية والإنفاقات الباهظة الحكومية هي مادة خصبة لكشف الذمة المالية للوزراء من جهة، وتعقب الحسابات المليونية للنواب التي صارت رائحة الفساد فيها مزكمة للأنوف.
اللهم إني بلّغت،،