أقلامهم

سعود العصفور يقترح لجنة قضائية تحقق بشفافية في “ملايين النواب” وتضع نتائج التحقيق أمام الشعب الكويتي

لجنة خاصة للملايين 
سعود عبدالعزيز العصفور
 
 
أينما ذهبت في الكويت لا تجد حديثاً إلا عن النواب القبيضة وإيداعاتهم المليونية وتحويلهم للنيابة وما هي أسماؤهم وكم تبلغ أرصدتهم وما هي مصادرها وهل هي رشوة أم غسل أموال أم خليط من هذا على ذاك، ولماذا الآن؟ ومن يقف خلف التسريبات؟ والكثير الكثير من الأسئلة التي لا تجد لها إجابة لدى العامة المنقسمين بين بلاغة الشف والفضول وبين الحرص على مستقبل المؤسسة التشريعية والرقابية. كل ذلك يحدث والحكومة لا حس ولا خبر، صمتٌ أشبه بصمت المقابر في ليالي الصيف، وعندما خرج الناطق الرسمي الحكومي ليتحدث للناس عبر تلفزيون «الراي» خرج يهددهم بالجيش والشرطة وعواقب الأمور ومر على موضوع الرشاوي المليونية ورقابة البنك المركزي على المصارف وقانون غسل الأموال مرور الكرام وتعذر بأعذار مضحكة مخجلة بائسة.
يقول المثل المصري الشهير «الله عرفناه بالعقل»، ونقول في السياق، ذاته ان مصدر هذه الأموال «عرفناه بالعقل» كذلك، ولا حاجة لمعرفة المستفيد والمصدر ما دمت تعرف أسماء النواب المتهمين وتعرف القاسم المشترك بينهم، وتعرف كذلك مواقفهم النيابية وتصويتهم في جلسات الاستجواب وطرح الثقة وعدم التعاون. مثل الأطفال في المدارس، أرسم خطاً بين الأشكال لتصل إلى النتيجة، فهذا نائب «عاقل» وذلك مسؤول «متورط»، وفي الجهة المقابلة مسؤول قد نجا وحافظ على منصبه ونائبٌ قد «تورم» حسابه البنكي حتى أصابه عسر الهضم فأحيل للنيابة! لذلك فالحديث عن غسل الأموال ليس إلا مضيعة للوقت والجهد والتركيز، ابحثوا ودققوا في جريمة «الرشوة السياسية» وابحثوا عن الراشي والمرتشي تختصرون الجهد والمال وتصلون للنتيجة الحقيقية.
زلزال الإيداعات النيابية كفيل، لو كنا في دولة مؤسسات فعلية، أن يعجل بانهيار المجلس الحالي، وليس في حله فقط، وفي تشكيل لجنة تحقيق خاصة منتدبة من أعضاء السلك القضائي ومن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي شفافية عالية تسمح للمواطن الكويتي أن يتعرف على كل مجريات وتفاصيل التحقيق أولاً بأول وحتى الوصول إلى الحقيقة الجازمة وقطع كل شك بيقين الإثبات والتأكيد. لذلك لا تطولوها وهي قصيرة، فكما عرفنا المصدر «بالعقل»، عرفنا كذلك أن دهاليز القضاء طويلة وممتدة ولن تسفر في نهاية الأمر عن شيء ملموس، فشكلوا لجنة خاصة تحقق في ذمم النواب، جميعهم، وتخرج بتقرير واضح وشفاف للشعب الكويتي. ما عدا ذلك، فهو قبول بفساد وإفساد السلطة التشريعية وبقاء المسؤول «المتورط» والنائب «المتورم» حسابه البنكي.