نهاية كاتب شجاع
محمد مساعد الدوسري
من أكثر الأمور إيلاما للجماهير، سقوط الرموز والشجعان والأبطال الذين طالما قادوا الناس للحصول على حقوقهم، والدفاع عن مكتسباتهم، وتوعيتهم وشحذ هممهم، وهذا ما حصل لكاتب قال عنه البعض أنه رجل ثوري يسعى للإصلاح ومحاربة الفساد والدفاع عن الطبقات المسحوقة، وعمل على تقليص سلطة الأثرياء وأصحاب النفوذ، إذ تحول في ليلة وضحاها إلى مدافع عن شخصية أجمع الشعب على ضرورة رحيلها، وكل ذلك بعد زيارة انتهت ببعض الهدايا التي يبدو أنها نجحت في معرفة سعره بين الرجال.
المعيب في قصة هذا الكاتب أنه تراجع عن كل ما كان يروّجه من أفكار وأهداف، من أجل الدفاع عن معزبه الجديد، وهو الذي كان يصف كل من يدافع عن شخص بأنه «فداوي»، ليتحول كاتبنا إلى فداوي من طراز جديد، وهم الفداوية المثقفون، ليعطينا تعريفا جديدا للفداوي، وهو «كل شخص يسعى لخدمة معزبه مقابل الفتات الذي يقدم له، مع الاستقتال للدفاع عنه حتى لو كان على باطل»، وهو تعريف ينطبق على العديد من الشخصيات سواء أكانت في الإعلام أو في العمل السياسي أو حتى في داخل البرلمان.
التحول الذي أصاب كاتبنا الذي غرُبت شمسه، هو تحول أصاب تيارات سياسية وكتلا وقوى كانت إلى يوم قريب تدافع عن مبادئ، اعتقدت أنها تملك حقوقها حصريا، إلا أن دخول قوى جديدة وشرائح مجتمعية كانت تجلس على الهامش حتى وقت قريب، دفع هذا الكاتب وهذه التيارات إلى “لحس” كل هذه المبادئ من أجل الحفاظ على المصالح والنفوذ الذي كانوا يتمتعون به، وهو امتحان بسيط سقط فيه هذا الكاتب ومن يتعاون معه من قوى مع أول طلقة حقيقة أطلقت في معركة الحريات والحقوق، لنكشف زيف الشعارات التي يحملها و«يا لطيف يا لطيف» كيف تغيير المواقف.
لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما، هذا ما جاء في حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا ما اتفقت عليه كل الشرائع السماوية والوضعية، وجرمته القوانين واحتقره الناس، إلا أنه وكما توضح فإن هناك كاتبا كان في يوم من الأيام يدعي العفة والصلاح، يخالف الجميع في ذلك، فهو يرى أن ما يجري مع الراشي مجرد صراع شخصي، ويترك الموضوع الأساسي ليناقش الهوامش، وهو أمر اعتاد عليه هذا الكاتب في الآونة الأخيرة، كما اعتادت عليه قوى سياسية، تحرف النقاش عن المواضيع الأساسية لتبحث عن أي شيء تجادل فيه، بعد سقوط حججها وبراهينها.
إلى هذا الكاتب ومن يحذو حذوه، يجب أن يعلم أن نواميس الكون لن تتغير، وثوابت الأمور من حق وباطل لا تتزحزح، حتى لو كان ذلك من أجل الدفاع عن معزبه، فالناس واعية، والحق أبلج، والشمس واضحة في رابعة النهار، وعليه، فليبحث له عن زاوية مظلمة يجلس بها فيما تبقى من عمره، ويترك الشعب يطالب بحقوقه بلا تشويش من رجل كان يراه الناس شجاعا في الحق، ليتحول إلى الوقاحة بالباطل، فنهاية كاتب شجاع أمر محزن لنا، ونتمنى أن تبقى على ما كنت تعيش عليه من بطولات كانت تلهمنا يوما ما، إلا أنك بفداويتك الأخيرة جعلتنا نشكك في أهدافها
أضف تعليق