أقلامهم

كي لا تهيمن سلطة على أخرى.. علي الذايدي يقترح هيئة خاصة للتحقيق في قضية الإيداعات البنكية

المحقق الذي أقال الرئيس  
 
علي الذايدي
 
عندما قام المشرّع الكويتي بتقسيم السلطات في البلاد إلى ثلاث قضائية-تشريعية-تنفيذية كان يعلم أن التعاون بين هذه السلطات الثلاث سيكون هو صمام الأمان وسبب اعتدال الميزان السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد.
ولكن هل يوجد تداخل أحيانا بين هذه السلطات ممكن أن يفسد هذا التوازن؟
سأتناول في هذا المقال حيثية واحدة فقط وهي بعض الإحالات لبعض القضايا من قبل السلطة التنفيذية للسلطة القضائية.
فأحيانا تقوم الحكومة بتحويل قضية لناشط سياسي لا تروق آراءه للحكومة مع جميع الأدلة والقرائن التي تدينه لكي يتخذ القضاء فيه أقصى العقوبات، وفي نفس الوقت تحيل قضية ما لشخص مختلس فاسد ماليا ولكنه مسنود من بعض رموز السلطة بأدلة ناقصة حتى يصدر فيه حكم يسكت خصومه ويبرئ ساحته، أو في أصعب الأحوال عندما تكون القضية واضحة كالشمس فإن للنائب العام سلطة حفظ القضايا مع عدم إبداء الأسباب.
وأحيانا تأتي بعض الصدف التي تبين هيمنة الحكومة على بقية السلطات عن طريق تدخلها بإيصال بعض النواب للبرلمان ودفاعهم عنها والوقوف ضد زملائهم النواب في سبيل إرضائها، أو عندما يترشح شخص كان ضمن السلطة القضائية ويصل للبرلمان فإنه سرعان ما يتخذ جانب الحكومة وينضم لها، مثل الحريتي والراشد.
واليوم نحن نواجه قضية من أخطر القضايا وهي الإيداعات المليونية لبعض النواب، والأدلة تكاد تكون مؤكدة أن هناك أموالا دفعت للنواب لشراء مواقفهم، ولكن ولأننا لا نثق بإحالات الحكومة فإن الحاجة لجهاز خاص مستقل للتحقيق في هذه القضايا أصبح مهما جدا، حتى لا يكون لأحد القدرة على التأثير في إصدار الأحكام.
في أميركا يوجد جهاز تحقيق خاص مستقل للتحقيق في القضايا الكبرى، وقد بدأت فكرة المحقق الخاص بعد فضيحة ووترغيت التي طالب فيها المحقق التابع لوزارة العدل أرشيبالد كوكس من الرئيس الأميركي نيكسون أن يستمع لبعض الأشرطة التي يخفيها، فقام نيكسون بفصله من وزارة العدل، وبعد كوكس جاء جاورسكي ليكمل التحقيق وتمكن من إدانة العديد من المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم نيكسون نفسه.
وبسبب قدرة الرئيس على عزل المحقق الذي يتولى التحقيق ‏معه أو مع كبار أعوانه فقد اصدر الكونغرس الأميركي عام 1978 قانونا يتيح ‏التحقيق المستقل ويمنع تضارب المصالح. ويعطي هذا القانون وزير العدل الأميركي ‏صلاحية تعيين محقق مستقل للتحقيق في أي ممارسات قد يكون ارتكبها أي مسؤول ‏رفيع المستوى في الحكومة، وطبقا لهذا القانون فإنه لا يملك أحد سلطة على المحقق المستقل، ولا يملك أحد حق إعفائه من منصبه حتى الرئيس نفسه لا يملك هذا الحق، وقد رأينا كيف خضع الرئيس كلينتون نفسه للمحقق كينيث ستار الذي تولى التحقيق في فضيحة مونيكا غيت.
كم أتمنى أن يتحقق هذا الحلم في الكويت وان يتم تشكيل جهاز خاص مستقل للتحقيق في قضيا الفساد وبخاصة قضية الإيداعات المليونية الحالية، ولكني أعلم أن هذا مستحيل، بسبب طبيعة أسماء القياديين والوسط الذي ينتمون له، ولو جاء تحقيق مستقل لفاحت روائح تزكم الأنوف من الفساد ولتصدرت أخبارنا جرائد الصحف العالمية، ولكن القاعدة عند المسؤولين تقول ما يردده إخواننا المصريون”خلي الطابق مستور” وغطيني يا لولوة ، ما كو فايدة.
 
خاطرة
 
القضاة ثلاثة ، اثنان في النار وواحد في الجنة.