أقلامهم

الدعيج يرفض أن يكون رئيس الوزراء متهما وحيدا في رشوة النواب ويلقي بالتهمة على التقاليد الاجتماعية

عبداللطيف الدعيج 
التاريخ يعيد نفسه
في انتخابات 2006، التي دار الصراع فيها بشكل عنيف حول تعديل الدوائر، وابان معركة «نبيها خمس»، طرح امر الرشوة النيابية للناخبين بشكل قوي، وعلى انه الهمّ الاول للمرشحين والناخبين، وانحصر همّ «العفويين» والباحثين عن الحلول السريعة، مثل المستفيدين والمتسترين، انحصر في تعقب «الراشين والمرتشين»، وبالذات في دائرة العديلية والفحيحيل.
وقتها تناولت امر «الرشوة» بوجهها العام، وبالنسبة لي، كان الراشي في العديلية او في الفحيحيل يستخدم ماله الخاص لتلميع نفسه او كسب ود الناخبين، وهذا في الواقع طبيعة الانتخابات واساسها، ومن هنا عارضها «الثوريون والشيوعيون» بوصفها ديموقراطية تتيح سيطرة الاغنياء على الفقراء، رأس المال على المجتمع، لكن كان هناك من يرشي في كل المناطق، ويستخدم المال العام واملاك الدولة، بل ان بعضا منه يعرض حياة المواطنين للخطر، عندما يقدم خدمات تتضمن التجاوز على القوانين او الالتفاف على النظم واللوائح، وكان اول وأهم الراشين في نظري الجماعات الدينية المسيطرة في ذلك الوقت على العديد من مؤسسات الدولة «الخدمية»، والذين يهيمنون ايضا على مجمل الجمعيات التعاونية في ذلك الوقت، هذا طبعا بالاضافة الى الخدمات والمنح الحكومية كالعلاج في الخارج والبعثات والترقيات التي تستخدمها السلطة لترويج «نواب الخدمات».
كتبت يومها سلسلة مقالات حول موضوع الساعة في ذلك الوقت، طبعا تتبعها البعض وملّ منها بشكل طبيعي البعض الآخر، وضاق بها صدر الكثيرين ممن مست مصالحهم او كشفت ما يسترون. وفسرها الموغلون في الشك على انها هجوم مقصود على الجماعات الدينية التي كانت طرفا في حملة «نبيها خمس» في ذلك الوقت.
هذه الايام اجد التبرم والملل والتشكيك ذاتها من الآراء التي طرحتها حول قضية الرشوة وما يسمى بالايداعات المليونية، فانا ايضا تناولتها من منظور عام ضاق به من كان يخطط لحصر الامر في الحكومة او من وجهت له اصبع الاتهام بوصفه مانحا او متلقيا للرشوة، هناك اطراف ذات صوت عالٍ تريد حصر امر الرشوة في الحكومة وايضا في رئيسها وحده، اصدرت الاحكام قبل الاتهام، وعلقت المشانق قبل الادانة، وانا اصر على انها «تقليد اجتماعي، ينخر في المجتمع ويمارسه الجميع، الناخبون قبل المرشحين وقبل الحكومة، واعتقد ان الفرصة سانحة مثل ما هي ضرورية للتركيز على فضح هذا «التقليد» ونبذه، طالما ان الجميع على ما يبدو متفق على مواجهة الرشوة والراشين والمرتشين. اما الموقف من الحكومة ومن الصراع بينها وبين المعارضين فأنا قلتها واكررها « اذا كانت هالوجوه الودرة هي المعارضة فنحن موالون».