أقلامهم

الوشيحي عن الكويت: هل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها

محمد الوشيحي
آمال: أخلاق الكازينو
أطلق بصرك يميناً ويساراً، أو يمنة ويسرة كما يقول المتفاصحون، في الكويت من أقصى غلافها إلى أقصى غلافها، بحثاً عن الفن والعراقة والإتقان والنحت والتشكيل، وسيرجع إليك البصر خاسئاً وهو حسير.
الكويت دولة بلا مشاعر، أو هي دولة جُرّدت من المشاعر، وجردت من العمق، ومن الأصالة، ومن الفنون، والإبداع، والحس، واليوم يتم خلع ثياب الصدق عنها، بعد أن نجحوا في خلع ثياب حيائها… الكويت جردت من كل قيمة، لم يبقَ فيها إلا قطرتان بائستان أبقتهما لدواعي البكاء.
صرخت في وجه صديق خليجي أبلغني نيته زيارة الكويت: “احذر، احذر… لن تجد أمامك فناً معمارياً يستحق البحلقة والدهشة، ولا رسومات على الجسور ولا على جدران المناطق القديمة تستحق التوقف أمامها، ولا مقاهي أو مطاعم يعزف فيها فنان على عوده الأغاني الخالدة فتسهر مع أعزائك على وقع خطوات ريشته، ولا دار أوبرا، ولا مساجد أو كنائس نحتت أسقفها يد فنان مرهف، ولا رسامين ينتشرون في شارع خصص للمشاة، يرسمون العشاق والأطفال والطبيعة، كما في باريس وبرشلونة وغيرهما، ولا حدائق متناثرة هنا وهناك تجرك، كما يجر السقا دلوه، إلى نظم الشعر وكتابة القصص والروايات، وما أعظم القصائد التي ولدت على أطراف عيون الماء”.
وأضفت: “لا تسألني عن المجلس البلدي أو عن البلدية أو عن بقية مؤسسات الزينة، التي تُسمى، زوراً وبهتاناً، مؤسسات الدولة، فهذه قصة تُنسي الخنساء أخاها صخراً”.
وواصلت تحذيري، أو ربما بكائي الصامت، لا أعلم: “إذا زرت الكويت، فستجد نفسك واقفاً في “كازينو” مترامي الأطراف، يملؤه ضجيج ماكينات القمار، وصراخ المقامرين، والكل فيه يبحث عن أعلى قدر من الربح، وأظنك تعرف “أخلاق الكازينو”، أو على الأقل تتخيلها”.
“انفذ بجلدك، حذّرته، ولا تضع إجازتك في بلد الشحوب والغش، أما إذا كنت من عشاق زيارة المقابر والأطلال، وأصررت على زيارة الكويت، فاحرص على أن تتزود بأكبر كمية ممكنة من الدموع الفارهة”.
قال، بعد صمت: “لا تنكّلوا إذاً بجثث موتاكم”.
قلت، بعد حزن: “لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها”.