أقلامهم

المقاطع.. هل سرق بلير ملاييننا؟

محمد عبدالمحسن المقاطع 
الأثر الرجعي + بلير.. والفضيحة المليونية
عرض التلفزيون البريطاني تقريرا تفصيليا عن المبالغ التي تعاقد عليها طوني بلير رئيس الوزراء السابق لبريطانيا مع الحكومة الكويتية، وقد أشارت تلك التقارير التي نشرتها أيضا بعض الصحف البريطانية إلى أن بلير تقاضى حتى الآن نحو 18 مليوناً، وأن عقده الساري قيمته 27.5 مليوناً، أي أن مجموع ما حصل عليه بلير من هذه التعاقدات هو 35.5 مليون دينار أو ربما جنيه استرليني، وقد أثار مراقبون في بريطانيا تساؤلات عن طبيعة المهمة (التي صُنّفت بأنها «استراتيجية») التي يقدم بلير فيها مشورته للحكومة الكويتية، وأن حصوله على هذا التعاقد يثير عدة تساؤلات كما تقول تقاريرهم، ونحن بدورنا نتساءل عن الشيء الذي قدمه بلير ليستحق هذه المبالغ الضخمة، وقد اطلعت شخصيا على بعض أجزاء التقرير الذي قدمه فريق بلير للحكومة الكويتية، والذي نشرت القبس قبل سنة تقريبا بعض أجزائه، واللافت في الموضوع أن هذه المبالغ لم يلمس لها أي صدى على مستوى أداء الحكومة أو تطورها، فأداء رئيس الوزراء وحكومته في تراجع مستمر، شواهده كل ما تشهده الساحة السياسية وتخلف الإدارة الحكومية حتى هذه اللحظة، فلئن كان هناك فشل سياسي مستمر في أداء الحكومة وقدرتها على إدارة الشأن السياسي العام بالدولة، فإن الأمر المحزن والمخجل في آن واحد أن أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية في ترهل وضعف وتراجع، وقد كلمني أحد الأصدقاء يوم أمس انه ضاع من وقته 45 يوما وهو يراجع جهاز إعادة الهيكلة (أو لنقل العرقلة)، لا لشيء إلا ليحصل على حقوق مالية مفترض أن يتم دفعها إليه، وأخذ يتنقل من موظف إلى آخر ومن يوم إلى آخر حتى مضت مدة 45 يوما، ثم يقال له بكل برود «أخوي ضاعت أوراقك» وقد كلمني منفعلا وهو المتقاعد الذي لا يعلم إلا الله حاجته الملحة إلى تلك المبالغ وظروفه، حيث طُلب منه المراجعة بعد 10 أيام أخرى حتى يتم صرف تلك المستحقات. 
وواضح أن هذا هو حال الجهاز الحكومي الذي تسير عليه أجهزة الحكومة، والتي تدلل على الفشل المتكرر لها على جميع المستويات، سواء اكانت رعاية سكنية أم صحية أم خدمية أم إدارة الجهاز الوظيفي التي تفجرت من سوء إدارتها إضرابات واعتصامات مستمرة في الأيام الأخيرة، فضلا عن الفشل الصارخ في إدارة السياسة الحكومية للدولة، وعلى رأس ذلك قضية الفضيحة المليونية للنواب التي تدلل على أن الحكومة شريك متورط، دلالته عدم اتخاذ اي إجراءات وتكتمها عن هذا الموضوع رغم تعاظمه. 
ونحن اليوم أمام طرح غريب تتداوله الحكومة ومعها بعض النواب، وللأسف منهم من هم أعضاء في اللجنة التشريعية وخارجها في محاولة لتضليل الناس، بأن إصدار قانون كشف الذمة المالية ينطوي على شبهات دستورية، لأن الوزراء لا بد أن يكونوا خارج قانون الكشف عن الذمة المالية، ومقولتهم تلك دون وجود سند قانوني، بل كشف الذمة المالية لهم أولى وأوجب، لكن يفاجئنا من يقول من الوزراء بأن الذمة المالية للوزراء فوق الشبهات، كما يتم التحجج بأن هذا الاقتراح بقانون ينطوي على شبهة الأثر الرجعي، لأنه لا يجوز أن يمتد كشف الذمة المالية على تاريخ سابق على صدور القانون، وإلا فإنه يصادم المادة 179 من الدستور، وهذا كلام متهافت من الناحية الدستورية لأن الوزراء ومعهم الأعضاء مشمولون بأحكام القوانين فضلا عن الدستور بعدم جواز استفادتهم أو تربحهم من مناصبهم أو عضويتهم، ومن ثم كشف ذمتهم المالية منذ تواريخ تعيينهم بالمنصب الوزاري أو كسبهم للعضوية البرلمانية، هو تطبيق صحيح بحكم القانون لأن ذممهم محل للمساءلة بحكم القانون من يوم توليهم مناصبهم، ولا يعدو أن يكون قانون كشف الذمة المالية إلا قانونا إجرائيا يحدد الإجراءات والجهة والكيفية التي يتم تزويدها بهذه الذمم مدعومة بالمستندات والوثائق، وأنها خاضعة لهم للمراجعة والتدقيق وربما التحري، ومن يحتج بفكرة الأثر الرجعي، أظنه إما متورطا بالفساد أو مدافعا عنه وإما متمصلحا منه، ولا استبعد التأكيد أن يكون ذلك هو حال الحكومة في هذا الخصوص. 
ومنا سؤال إلى السيد بلير: هل تدخل في استشاراتك الاستراتيجية مساعدة الحكومة في التستر على الفساد أو عدم ملاحقته، أوَ ليس الإصلاح السياسي الذي تقدم مشورتك بشأنه يجب ان يدق بؤر الفساد وأولها الحكومة التي تأخذ منك المشورة؟ أم أنك يا سيد بلير أخذت أيضا الملايين وتورطت في الفساد شأنك شأن الآخرين؟ 
اللهم إني بلّغت،،