أقلامهم

مقال ساخن
الجاسم: فضيحة أخرى في طريقها إلى الانكشاف تفوق فضيحتي الودائع والتحويلات المالية

كتب المحامي محمد عبدالقادر الجاسم مقالاً في جريدة الكويتية قدم فيه تحليلاً لاستقالة وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح، مؤكداً إن أسباب هذه الاستقالة ودوافعها كانت متوفرة منذ زمن.. وقال إن قيمة هذه الاستقالة تكمن في تحرر محمد الصباح من الهيمنة العائلية.. وأكد الجاسم كذلك أن هناك فضيحة أخرى في طريقها إلى الانكشاف وهي تفوق في حجمها فضيحة الودائع المليونية والتحويلات المالية.. المقال يستحق القراءة والتعليق لكم:


انتصر لكرامته


محمد عبدالقادر الجاسم


ليس هناك من شك في أن استقالة الشيخ الدكتور محمد الصباح تستحق الإشادة والتقدير، لكن يجب علينا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح بلا مبالغة أو إفراط في الانفعال العاطفي ومن ثم الدخول في مرحلة “صناعة النجم” أو البطل.
إن استقالة الشيخ محمد تأتي نظرا لإدراكه أن الإجابة الدقيقة الموافقة للمستندات على السؤال البرلماني الذي وجهه له النائب مسلم البراك حول تحويلات مالية تمت لصالح رئيس مجلس الوزراء تشكل فضيحة بكل المقاييس. وحسب المعلومات المتوفرة، فقد تم توجيه الأمر إلى الشيخ محمد بتقديم إجابات مبتورة وناقصة ومخالفة للثابت في الأوراق.. الشيخ محمد يدرك تماما أن لدى مسلم البراك معلومات موثقة، وبالتالي فإن أي تلاعب في الإجابة من شأنه تعريضه إلى محاسبة عسيرة. الأمر الآخر الذي تشي به المعلومات أن الشيخ محمد الصباح أدرك كم هو مغيب عن شؤون وزارته، فهناك تحويلات مالية تمت لحساب رئيس الحكومة عن طريق وزارة الخارجية من دون علم الوزير ومن دون موافقته، ومن شأن هذا الموقف أن يتسبب في إحراجه ووصفه بأنه وزير ضعيف. إضافة إلى ذلك، فإن رائحة فساد الحكومة الحالية وصلت إلى “سابع جار”، وليس أمام من يريد حماية مستقبله السياسي أن يربط اسمه بهذه الحكومة ورئيسها. وهناك أيضا بعض الأقاويل تشير إلى أن فضيحة جديدة، أكبر من فضيحة الرشاوى السياسية وأقوى من فضيحة التحويلات الخارجية، في طريقها للإنكشاف، وأن الشيخ محمد الصباح تلقى نصائح بضرورة القفز من سفينة ناصر المحمد قبل فوات الأوان. كل الأسباب السابقة لاستقالة الشيخ محمد الصباح لا تقلل إطلاقا من التقدير الذي تستحقه تلك الخطوة الجريئة، لاسيما ونحن نعرف أن العلاقات العائلية بالنسبة للوزراء الشيوخ تفرض واقعا مختلفا من شأنه مصادرة حرية الوزير الشيخ.
لكن.. لماذا لم يتقدم الشيخ محمد الصباح باستقالته عندما ظهرت فضيحة “الشيكات”؟ لماذا استمر في منصبه حين لاحق ناصر المحمد خصومه وزج بهم في السجون؟ لماذا تضامن الشيخ محمد الصباح مع ناصر المحمد حين ضربت حكومته النواب وعطلت عن عمد جلسات مجلس الأمة؟ لقد كانت أسباب الاستقالة متوفرة منذ زمن، فما الذي استجد ودفع الشيخ محمد للاستقالة في هذا التوقيت بالذات؟ الإجابة على هذه الأسئلة ليست في صالح الشيخ محمد إطلاقا.
ومع ذلك، بالنسبة لي، أرى أن قيمة الاستقالة تكمن في “تحرر” الشيخ محمد الصباح من الهيمنة العائلية أخيرا، وتمرده على قيم بالية تصادر إرادة الشيخ الوزير.. وكل ما أتمناه أن هو أن تسقط مفاهيم مثل “أنا مكبور”.. “مو بكيفي”.. فالإنسان، شيخا كان أو غير شيخ، يجب أن يحافظ على كرامته لا أن يكون “حطبة دامة”