أقلامهم

بدر البحر يروي حكاية الفئران مع أسلوب القذافي ومبارك وناصر المحمد في الحكم

بدر خالد البحر 
«هتلر طنطاوي» كويتي في دولة رخوة
سئل القذافي يوما: كيف استطعت أن تحكم شعبك؟ فقال قصة الملك الذي أراد تزويج ابنته للرجل الذي يقدر أن يصل إلى قصره ماشيا من مكان بعيد وهو يحمل خيشة داخلها فئران جياع شريطة ألا تثقبها، ولكن ما ان يصل الرجال إلى القصر حتى تكون الفئران قد ثقبت الخيشة، فيقتلهم لعدم نجاحهم، إلا رجلا واحدا استطاع ذلك، فسأله كيف؟ فقال أفر الخيشة مثل المروحة وأنا أمشي فتدوخ الفئران حتى وصلت إليك! ولهذا أطلق العقيد وصف الجرذان على شعبه ظلما، حتى جاء اليوم الذي قتلوه فيه كالجرذان.
* * *
جنار ميردال، عالم اجتماع سويدي، وضع منذ واحد وأربعين عاما المعايير التي تؤدي بالدول إلى الفقر والتخلف، وقد تساءلنا كيف لسويدي يعيش في أكثر النظم استقرارا أن يصل إلى تلك النتائج؟ فالسويد لا تسمع عنها شيئا في الأخبار، فلا جُرح ولا انفجر ولا قُتل! والجواب برأينا أن العلماء حين يعملون تجاربهم على الفئران ليس بالضرورة أن يكونوا هم فئراناً أيضا. يقول ميردال في نظرية «الدولة الرخوة» انها التي تشرع القوانين ولا تطبقها، ليس بسبب الثغرات بل لأن طبقة لديها المال والسلطة يجعلها تسيطر على الطبقات الصغرى التي تأخذ رشى لتسكت عن الفساد! وهي دول تباع فيها التراخيص والحقوق، ولا تعبأ بما يكتب في الصحافة عن الفساد بدعوى حرية التعبير، إلا أن أكثر المعايير خطورة هي عندما يصبح الفساد والرشوة نمط حياة بسبب فساد المؤسسات التي يجب أن تحارب الفساد، كالقضاء والشرطة والتعليم والصحافة. ومنذ سنتين قام أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية بالقاهرة، جلال أمين، بتطبيق نظرية «الدولة الرخوة» على مصر، وربط معايير النظرية بممارسات الحزب الوطني وجاء بأمثلة لفساد سياسي واقتصادي فاستنتج سقوط الدولة فسقطت بعد عامين. انه من المضحك أننا أصبحنا نرى الدول الأكثر فسادا تنشئ مؤسسات لمحاربة الفساد، فقد أنشئ في مصر في عهد مبارك هيئة للرقابة الإدارية، فزاد الفساد حتى أطاح بالحزب الحاكم، لأنها لم تحارب رأس الفساد، أما اللواء {هتلر طنطاوي} الذي رئس تلك الهيئة وقلده مبارك وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، والذي دخل الهيئة فقيرا، فقد نشرت جريدة «الفجر» قبل ستة أعوام حصرا بممتلكاته بعد استقالته، والتي سربها موظفو الرقابة الادارية أنفسهم، فكشفت ما لديه ولعائلته من قصر في {6 أكتوبر} وشاليهات وشقق وفلل وأراض، إضافة لقضية رشوة واستغلال منصب وخلافه! والله أعلم.
وفي الكويت لا نحتاج العالم ميردال ولا المفكر جلال، فرخاوة الدولة يكتشفها العجائز وهم يحتسون شاي الضحى، وإذا ما أردنا التأكد بادخال الكويت في مختبر العالم السويدي فسنجد أن جميع معايير الرخاوة تنطبق علينا، خصوصا أن الحكومة المتهمة بالفساد والرشوة بصدد إنشاء هيئة محاربة الفساد، لنكون أضحوكة أمام العالم، أو لتكون هذه الهيئة «تخروعة» للمسؤول السارق الذي لا ينام فترة الضحى، فبدل أن نقول له، كما يقال لنا ونحن أطفال سوف تأتيكم «حمارة القايلة»، نقول له سوف تأتيك «هيئة محاربة الفساد» فيختشي ويغمض عينه ويضع سرقاته تحت وسادته! وعليه نقولها للسلطة للمرة الثانية بأن الحل في إعادة هيكلة منصب رئيس الوزراء واقصاء من أفسد البلاد والعباد، وكفاية فنحن لا نريد «هتلر طنطاوي» كويتيا ولا نريد رخوا في دولة رخوة. 
* * *
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.