برلمان

والخرافي والمحمد يطالبان بتكريس الحوار الراقي
سمو الأمير افتتح دور الانعقاد الرابع: أشعر بالألم تجاه ما يحدث في الكويت

افتتح سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة بكلمة أبن فيها ولي العهد السعودي الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، حيث عدد سموه مناقب الفقيد، وطلب من المجلس الوقوف دقيقة حداداً عليه.

وحذر سموه في كلمة الافتتاح من الانزلاق نحو الطرح الطائفي والعصبيات الفئوية التي وصلت إلى المؤسسة التعليمية، معبراً سموه عن ألمه مما يعانية وطننا الحبيب من التوتر بين السلطتين وكأنهما خصمان وليسا شريكين، كما أسف سموه للاتهامات المتبادلة بالرشوة والعمالة إلى آخر هذه الاتهامات، مؤكداً “إنه تابع العديد من الممارسات بما يخرج عن  إطار الدستور “فكيف لمن يؤمن بالدستور أن يتجاوز هذه المؤسسة ويتنادى لعقد التجمعات في الشوارع وافتعال الشحن والإثارة بما يعود بالضرر والخسارة على الجميع؟”.

وقال سموه إن انشغال البعض بالهجوم الشخصي وتبادل التهم يدفعه إلى التساؤل: أين صوت العقل والحكمة ؟، هل هذا سبيل البناء والتقدم أم سبيل الدمار والتخلف؟.

وأضاف سموه: كم نحن بحاجة إلى نبذ الخلافات وتحسين الخدمات العامة والتصدي للفساد أينما وجد وسن التشريعات الناجعة التي تحفز على الاستثمار والارتقاء بمستوى معيشة المواطنين والتخفيف عن كاهلهم وتحقيق فرص العمل التي تمكن الشباب من المساهمة في بناء بلده .

وقال سموه إن علينا متابعة ما يجري من حولنا من حروب دامية ومشاكل اقتصادية من شأنها أن تؤثر على أمننا الوطني ومصالحنا العليا في حاضرنا ومستقبلنا مايوجب علينا أن نوحد الصفوف لمواجهة عواقبها وتداعياتها “فهل أنتم واعون لهذه الأخطار ومستعدون للتطرق لها وحماية وطننا من شر أخطارها؟.. أرجو أن تكونوا كذلك حتى لايتحقق فيكم قوله تعالى :بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى”.

وتابع سموه: نعم للمحاسبة الجادة التي يحكمها الدستور والقانون بعيداً عن الشخصانية، فرسلوننا الكريم يقول :كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع.

وأكد سموه أننا لن نقبل بأي مزايدات فقد تجاوزت الأحوال كل الحدود وليس أمامنا غير العمل الدؤوب لاستعادة مكانة الكويت اللائقة وتحقيق طموحات المواطن، مشيراً إلى أن الإعلام ركن أساسي من منظومتنا الديموقراطية، واليوم دأب الكثير من وسائل الإعلام إلى صب الزيت على نار الفتتن لاهثة وراء الإثارة وافتعال العداوات مع الآخرين من أجل الانتشار بأي ثمن تحركها الأهواء الفئوية بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطنين الأمر الذي يستوجب التوقف لمعاجلة هذه الاختلالت وتصحيحها لتمارس وسائل الإعلام دورها في المحافظة على أمن البلاد والتنمية فيها.

وأفصح سموه عن أمر يشغل تفكيره  ألا وهو أبناؤنا الشباب، مبيناً إن  التغيرات التي طرأت أكبر بكثير من طاقتنا والشباب هم الأكثر تأثراً بها ولاينبغي أن يكونوا عرضة للاستقطاب ويجب التعرف على متطلباتهم ومعرفة سبل تحصينهم من آثار العصر المدمرة بما يعينهم على رفعة وطنهم والمساهمة في بنائه.

وقال سموه: إن واجبكم الوطني في ممارسة حقكم الانتخابي لاينتهي عند صناديق الاقتراع بل يبدأ من واجبكم في متابعة نوابكم والشد على أيديهم أن أحسنوا ومحاسبتهم إن أساؤوا… حيث تكون مصلحة الكويت هي المقياس الأهم الذي يتقدم على سائر الاعتبارات الأخرى… وأضاف سموه: أبوح لكم عن ألمي مما ألمحه على وجوهكم من مشاعر الألم إزاء أوضاع البلاد رغم ما تعيشه من وفرة مالية وقيم راسخة … إن قلقكم يتعبني..  كيف أرتاح إن لم ترتاحوا… أريدكم أن تطمئنوا ولاتقلقوا فلن نسمح بالمساس بالكويت. .الكويت بخير ونعمة وستظل بأمن وأمان تحرسها سواعهد أهلها “ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”.

وخاطب سموه الجميع قائلاً: من هذا المنبر أخاطبكم جميعاً مؤسسات وأفراداً : انظروا وتأملوا وأقرأوا تجارب الغير.. واحفظوا أمكم الكويت وحافظوا عليها.

وختم سموه خطابه ببيت للشعر استشهد به الأمير الراحل عبدالله السالم رحمه الله وهو:  تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت.. فإن تولوا فبالأشرار تنقاد.

وفي كلمته أكد رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي ضرورة ان يحرص الجميع على تكريس الحوار الديمقراطي الراقي والبعد عما يسيء للاخرين بما من شأنه ان يخلق شرخا في العلاقات الاجتماعية ويهدد ما حرص عليه المجتمع الكويتي من روح الود والتآخي والتماسك.

وقال إن الاختلاف في الرأي بشأن القضايا الوطنية يجب ان يبحث ويعالج في الاطار المؤسسي ووفق القواعد الدستورية والاجراءات اللائحية الحاكمة للممارسة النيابية، مضيفاً ان هذا هو الغرض من النظام الديمقراطي حتى لا يتحول الاختلاف في الرأي النيابي الى خلاف في الرأي العام وينعكس سلبا على الوحدة الوطنية.

وأكد ان الفساد بأشكاله المختلفة ظاهرة مقيتة “ندينها ويجب أن نواجهها بكل حزم” منتقدا في الوقت ذاته توزيع الاتهامات والتشكيك في الذمم عبر التصريحات الاعلامية والانتخابية دون أدلة واثباتات دامغة وبيانات مؤكدة.

واستدرك بالقول “فذلك لا يحل المشكلة بل يسئ لمؤسستنا التشريعية ويزعزع ثقة المواطن الكويتي ومواجهة مظاهر الفساد يجب أن تكون من خلال القضاء الذي نحترمه ونثق به وتكريس سيادة القانون”.

وقال ان البلاد تواجه تحديات مهمة واشكاليات صعبة “ونحن بحاجة ماسة لاصلاح ينتشلنا من أوضاع الحاضر ويضع حدا لقلقنا على المستقبل” مبينا ان تحقيق أهداف التنمية وبناء ديمقراطية حقيقية ومحاربة الفساد لا يكون بجلد الذات أو بالفرقة والخلاف أو التهديد والوعيد أو الخروج على القانون والمؤسسات الدستورية.

وشدد على ضرورة النأي عن كل ذلك والحرص على أداء وطني عالي المستوى يكون فيه كل من مجلس الأمة والحكومة قدوة في الممارسة الديمقراطية ونموذجا في الحوار العقلاني البناء وبتكريس الاحترام المتبادل والتعاون الدستوري الايجابي والتحديد الواضح للأولويات الوطنية والالتفاف الحقيقي حول رؤية وطنية تعلو فيها مصلحة البلاد على كل غاية.

وشدد على ان معالجة اوضاع الاقتصاد الوطني تكتسب اهمية خاصة وتبرز كأولوية “في هذه المرحلة” لاسيما مع ما يشهده الاقتصاد العالمي من تحولات وما تنبئ به مؤشراته المستقبلية من مخاطر وتحديات تحد من نموه وقد تؤدي به الى حالة من الركود.

واشار في هذا السياق الى ان مبادرة سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح بتشكيل اللجنة الاستشارية الاقتصادية تعرب عن قلق سموه وقلق الجميع من استمرار الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني وتؤكد ضرورة تصحيح المسار الاقتصادي.

وأكد ضرورة ان تأخذ الحكومة توصيات اللجنة ونتائج اعمالها بمنتهى الجدية في التنفيذ والمتابعة.

وقال ان مبادرة سمو الامير الشيخ صباح الاحمد تفرض على المجلس والحكومة التحرك سريعا لمواجهة التحدي الاقتصادي وتحويله من هاجس ومصدر قلق الى أولوية حكومية وبرلمانية وذلك في اطار خطة اصلاح اقتصادي ومالي واضحة المعالم تركز على معالجة الاختلالات الاقتصادية. وتطوير أداء المؤسسات والهياكل الاقتصادية الوطنية وزيادة قدرتها التنافسية وتحسين ادارة المالية العامة من خلال ضبط الانفاق الجاري وزيادة الانفاق الرأسمالي وتحسين مناخ الاستثمار والاسراع في تنفيذ مشروعات خطة التنمية على نحو يدعم النمو الاقتصادي ويحقق أهداف التنمية.

واضاف ان كل ذلك لا يتحقق الا في مناخ وطني ايجابي يسوده الاستقرار والتعاون والحوار الديمقراطي الهادف والممارسة السياسية البناءة واعلاء المصلحة الوطنية.

وبين ان الاصلاح الاقتصادي يجب أن يصاحبه اصلاح سياسي في مختلف دوائر وجوانب العمل الوطني على صعيدي الفكر والممارسة وعلى قاعدة من التلاحم والوحدة والشراكة الوطنية.

اكد  الشيخ ناصر المحمد  الصباح رئيس مجلس الوزراء رغبة الحكومة الصادقة في التعاون الايجابي مع مجلس الأمة معلنا ترحيبها بكل نقد موضوعي بناء يعزز الجهود المشتركة لمزيد من الانجازات التي تصب في صالح الوطن والمواطنين.

وقال  الشيخ ناصر المحمد في الخطاب الأميري الذي تلاه امام مجلس الامة في افتتاح دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي ال13 ان النظام الدستوري للبلاد يقوم على اساس فصل السلطات مع تعاونها بما يمنع التداخل والازدواجية في الممارسة ويحترم الحدود الدستورية لكل سلطة بلا خلط أو غموض.

واضاف ان لا ضرر في أن يكون هناك اختلاف في الرأي وتباين في الاجتهاد طالما كان رائده المصلحة الوطنية ومادام الحوار هادفا ومحكوما باطار الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة والقوانين المرعية.

واشار الى أن النجاح المأمول بالتعاون بين السلطتين ليكونا معا على مستوى المسئولية هو أمر يتطلب الالتزام بثوابت العمل البرلماني بما يحفظ للأدوات الرقابية هيبتها الوظيفية وجوهرها الدستوري.

واكد احترام الحكومة للحريات العامة وحق الجميع في التعبير وابداء الرأي في اطار الضوابط التي حددها القانون والتي تراعي المصلحة الوطنية ولا تضر بالصالح العام في اشارة الى استنكار الحكومة التعسف في استخدام الاضراب والامتناع عن العمل أو التهديد بها لتعريض مصالح البلاد والمواطنين للضرر كوسيلة للضغط.

واعتبر ان ذلك الامر مخالف للقانون وينطوي على اضرار واضح بالمصلحة العامة مبينا ان الاستجابة لأي مطالب لن تكون الا وفق دراسة موضوعية عادلة تجسد الحرص الدائم على مصالح جميع المواطنين وبما يحقق العدالة والانصاف ويتمتع الجميع بثروة بلده وخيراته وبالرفاهية حاضرا ومستقبلا.

وشدد على ان الاستقرار السياسي شرط جوهري وضروري من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والأداء المثمر لأي مجتمع.

وأضاف ان حرص الجميع على حماية المال العام ومكافحة الفساد وعلاج ما تواجهه البلاد من مشكلات وتحديات لا يتحقق الا بالتعامل الايجابي وبطرح الحلول الواقعية واقتراح الاجراءات العملية التي تقدم لنا علاجا مدروسا لكل القضايا والمشاكل التي تواجهنا.

وأعرب عن ثقته الكبيرة بالتقاء السلطتين على كلمة سواء تتمثل فيها ارادة التغيير الايجابي سبيلا لتحقيق الآمال والتطلعات المنشودة لأهل الكويت في كافة ميادين الحياة ومجالاتها ولاعلاء شأن الكويت الغالية وتكريس سلامة النهج الديمقراطي الموروث فكرا وممارسة.