أقلامهم

عمر الطبطبائي مخاطباً محمد الصباح: نحن نبكي ونذرف الآهات

عمر الطبطبائي
من بين الآراء
«أهل الكويت أمنونا على أموالهم وأرواحهم». الشيخ محمد صباح السالم الصباح. 
في حالات اليأس يتمسك الإنسان بكل بوادر الامل حتى يحيا من جديد، ويبدأ مرة أخرى في السير بطريق الكفاح، ولعل تصريح الشيخ محمد الصباح كان بمثابة بادرة الأمل التي أعادت نبضات القلب لذواتنا.
وأيضا في حالات شبه الانكسار يحتاج الإنسان لشخص يثق فيه حتى يفضفض عما في قلبه من جروح، وغالبا ما يكون هذا الشخص أبا أو أخا أو انساناً بمثابه الأب أو الأخ، لذلك سأخاطب الشيخ محمد صباح السالم وأفتح له قلبي بكل صدق لأنه بمثابه الأب لي ولكثير من أبناء جيلي، عل وعسى أن يلتمس خوفي وحزني!
أبي محمد… نعم أحترم الدستور إلا انني لا أثق بمن سمح لي الدستور بمخاطبتهم غيرك، لذلك أكتب إليك وأنا واثق بأنك لن تخذل ابنك، كما أني أكتب إليك بسبب حاجة الوطن لنا جميعا.
من الأمور التي كانت تعذبنا يا أبي أنك كنت أحد أعضاء حكومة تميزت في وأد أحلام أبنائك، حكومة لم تهتم بأهل الكويت بل ضربتهم بأرصفتها! وتفننت بقهرهم في اليوم الواحد آلاف المرات بشق وحدتها وتمزيق نسيجها، كنا ننصح ولا من مجيب إلى أن تسلل الإحباط بقلوب من أمنوكم على ما هو أهم من أموالهم وأرواحهم، لقد أمنوكم على العزيزة يا أبي على وطن النهار الذي يتعذب كل يوم.
وطن النهار يا أبي، ابتسامة القدر لنا، وطن استحق أن يسكننا لا نسكنه، وطن حلمنا تحت سمائه ورسمنا بألوانه وتربينا بخيره، وطن العزة والفخر وطن نعانق حروفه ونقبل ترابه، وطن لو لم ينعم علينا الله بنعمة الدين الاسلامي لكان هو ديننا، وطن يا أبي وطن.
أبي… أتألم وغيري الكثير لكننا نحاول قدر المستطاع أن نخفي آلامنا وجراحنا، نحن نبكي ونذرف الآهات، لأننا نحاول ونحاول أن نضمد جروح العزيزة من خلال إمكانياتنا المتواضعة لكن خصومنا أقوى في تمزيقها فأصبحنا كالاغصان التي تخلت أوراقها عنها بعز العاصفة! وبتنا لا نشعر بالأمان يا أبي فالشمس تبعث مع أشعتها الأمل، والقمر يبعث بضوئه الجمال، ومن المفترض أن الوطن يبعث بحنانه الأمان لكن فاقد الشيء لا يعطيه يا أبي!
لا أريد أن تراني ابنتي «دالين» وأنا أبكي خوفا عليها وعلى مستقبلها فلا ذنب لها أن تحزن وهي في عمر الزهور، لكني على يقين بأن مستقبلنا سيقطع أجنحتها إذا ظل الحال على ما هو عليه، لذلك نفكر أنا وغيري الكثير بألا ننجب أكثر من طفل! هل تتخيل كيف وصل بنا الحال يا أبي وأقسم لك بأنني لا أبالغ، وكلي خوف أيضا أن تكبر ابنتي وترى وضع وطنها السيء فتسألني «يبا إشسويتو حق الكويت وانتو شباب؟»، هذا إن وجدت وطنا يحتضنها، فهل نستحق ذلك؟!
ألم تشتق لوطن النهار، ألم تشتق لنور الوطن؟ ألم تشتق لصفاء نية أهلها؟ هي أيضا يا أبي اشتاقت لأبنائها «المخلصين» واشتاقت للعدل وسيادة القانون اشتاقت للريادة والتطور واشتاقت لمعانقة الدستور، والأهم أنها مشتاقة لقلوب تخاف عليها وتضحي من أجلها وعلى أن تكون وطن بعيون «عيالها»!
لا أريد قطعة أرض، لا أريد منصبا، لا أريد واسطة، ولا حتى «بناميرا»، كل ما أتمناه هو وطن دائم تحقق فيه ابنتي جميع طموحاتها، وطن تضحي من أجله وترسم ابتسامته، وطن يسود فيه القانون، ولن يتحقق كل هذا إلا بالتضحية، فالاستقالة وحدها لن تكفي لإعادته أفضل مما كان عليه، إنما بالعمل مع اخوتك وابنائك من الشعب الكويتي المخلص، وبركن أي طموح جانبا لأن كلمة الحق تحتاج الى تضحية والتي قد تقتل أي طموح هذه الفترة، لكن الوطن اهم من أي طموح.
أبي أنت فعلا تسكن القلوب ولا نعرف ما سبب ذلك… أرجوك بادر بل قاتل من أجل العزيزة، وسنكون سيوفك ومدافعك التي تدمر الفساد الحكومي ورموزه، وإذا كان هناك من كسب بعض الشعب بماله فأنت ستكسب الأحرار منهم عن قناعة، فهناك من وجد بمواقفك الأخيرة قائدا حقيقيا للمرحلة المقبلة فلا تخذلنا. 
أبي أقسم لك بأنني لا أستطيع تكملة هذه الكلمات بسبب العبرة التي تخنقني لذلك سأتركها هكذا دون أي خاتمة.
دائرة مربعة
«نعم لست بجائع ولكني مشتاق لوطن النهار»… المدون: كاسك يا وطن.