أقلامهم

فارس الوقيان يتحدث عن الحرب الخفية في المعهد العالي للفنون المسرحية

حروب المسرح.. حقيقة لا تمثيل!


د.فارس مطر الوقيان


نعرف كثيراً عن حروب السياسيين والأحزاب السياسية التي تصل إلى حد تحطيم الوطن وتمزيق المجتمع حتى يفوز الحزب أو رجال السياسة بالسلطة، أياً كان شكلها، وحتى مع تلك الحروب هناك على الدوام مجال واسع للتسويات والترضيات في ختام الطريق، لكن لم أصدق حين عرفت بأن حروب الفنانين والمسرحيين ومن يدرسون تلك الفنون بأنواعها، حروب ضروس لا هوادة فيها، قد تطول أكثر ما طالت حروب داحس والغبراء في التاريخ
الجاهلي للعرب.
هناك في وسط المعهد العالي للفنون المسرحية خلافات يفترض أن تكون خلافات طبيعية مؤقتة، عابرة، في وجهات النظر أو حول قرار إداري أو حول مشروع لتطوير أنشطة وفعاليات المعهد، إنما ما يحدث من خلافات مؤسفة وصلت إلى حد كسر العظم، فهذا لا يليق بتاتاً بأكاديميين يتحلون بذائقة أكاديمية ثقافية متعلقة بثقافة المسرح والفنون التي تحتاج لخيال إبداعي وعلمي ومعرفي واسع! وإلى إحساس إنساني ووطني مرهف.
من أين يحصل هؤلاء الأكاديميون والعاملون في المعهد على الوقت الكافي للتفرغ لإبداعاتهم ولطلبتهم وتنمية قدراتهم وحل معضلات الكويت في المجال الذي يشتغلون فيه، في الوقت الذي لا يوجد لديهم قضية يتسلون بها سوى قضية عميد المعهد العالي الذي يريدون الإطاحة به، ومن ثم الإطاحة بالأكاديميين الذين تعينوا في عهده، رغم أن مسألة تعيينهم قد تمت بطريقة إدارية قانونية رسمية، دارت ملفاتهم الزاخرة بالشهادات العلمية المميزة على كل أجهزة الرقابة المعنية في وزارة التعليم العالي وديوان الخدمة واللجان المنعقدة لفرز الملفات في المعهد ذاته!
المسألة الجوهرية التي تشغل بال المراقب لتلك الهجمة الشرسة على عميد المعهد والأكاديميين الذين تعينوا حديثا، في الصحافة وديوان الخدمة ووزارة التعليم العالي، هي ترك الفريق الخصم لكافة الأدوار في المسرحيات التي يدرسونها للطلبة مثل دور الممثل الإنساني، المبدع، الخير الذي يحب الآخرين، وتركيزهم على دور الممثل الشرير والكاره للآخرين، الغيور والحاسد لمحاربة عميد المعهد وإخوانهم من الأكاديميين المعينين حديثاً، وهذا لا يعبر عن الروح التي يتحلى بها الأكاديمي المبدع، ومع ذلك نتمنى أن نقرأ أو نسمع ونتابع انتقادات تركز على القضايا بشكل موضوعي وعقلاني أكثر مما تركز على الأشخاص حتى يستفيد المجتمع، لأنه مثلما تقول الحكمة الصينية «العقول الصغيرة تناقش في الأشخاص، والعقول المتوسطة تناقش في الأشياء، أما العقول الكبيرة فإنها تناقش في المبادئ».