أقلامهم

المقاطع بلغة الأرقام يكشف :تضخم بنودالميزانية السرية يعني أن البلد يسير بمنزلق الانهيار

محمد عبدالمحسن المقاطع 
مليارات وسرية .. و 0% إنفاقات التنمية
في عام 2008، كانت الميزانية العامة للدولة 8.6 مليارات دينار، وفي عام 2009 صارت 11.6 مليار دينار، وفي عام 2010 قفزت إلى 14.7 مليار دينار وفي عام 2011 طفرت إلى 19.6 مليار دينار، وقد أصدر بنك النقد الدولي تقريرا نشرته جريدة القبس يوم الأحد 2011/10/30 على صدر صفحتها الأولى جاء فيه، ان انفاقات الكويت على المشاريع في السنوات الثلاث الماضية زاد بنسبة %0، أي أنه لم يتم الانفاق على أي مشاريع عما كان يتم صرفه عليها في عام 2008، والسؤال الذي لا بد من أن نطرحه الآن بكل وضوح على الجميع بمن فيهم سمو رئيس الوزراء والوزراء وكل مسؤول ومحافظ البنك المركزي وعلى ديوان المحاسبة ووزارة المالية وكل موظف لديه غيرة على البلد، هو: أين ذهبت مليارات الميزانية التي بلغت زيادتها في عام 2009 مقارنة بعام 2008، 3 مليارات دينار ثم بلغت في عام 2010، 6.1 مليارات دينار، وبلغت في عام 2011، 11 مليار دينار (أي أن مجموع الزيادة في الميزانية في 3 سنوات مجموعه 19.1 مليار دينار)، وقد صارت الميزانية في السنة الحالية أكثر من ضعفها في عام 2008؟
أتمنى ألا يأتيني البعض بجواب بأنه التهمها باب المرتبات، فهذا كذب إذ ان هذا الباب لم يتجاوز نصف الميزانية، وأرجو أن نبدأ جميعا بالبحث عن الجواب الوافي لهذا السؤال المحير!
إن بنود السرية في الميزانية بدأ يتضخم عاما تلو الآخر، بالمخالفة لأحكام الدستور وبسبب سلوك المجاملات الذي يسير عليه بعض أعضاء مجلس الأمة، وهي بنود تثير التساؤل والريبة ولا يتم التأكد من أوجه صرفها برقابة سليمة، مما يعني أن هذا هو مدخل للفساد وتبديد أموال الدولة وضياع المسؤولية، ومن ثم لا بد من الغائه وفرض الرقابة عليه إن وجد لأسباب استثنائية.
إن التقرير الذي نشره بنك النقد الدولي عن انفاقات الكويت، التي لم يصرف منها شيء على المشاريع في السنوات الثلاث الماضية بزيادة عما ينفق عليها منذ عام 2008، رغم الزيادات الضخمة للميزانية في هذه السنوات الثلاث تحديدا، وبلوغ الزيادة أكثر من ضعف الميزانية، يثير علامات استفهام كثيرة ومتعددة بشأن مصير هذه الأموال، وإذا كان المال السياسي الذي لوث الحياة العامة السياسية في هذه السنوات نفسها فرض تساؤلات عن مصدر الأموال، وإذا كانت قد طلت علينا حسابات مليونية لعدد غير قليل من أعضاء مجلس الأمة تزامنا مع تحويلات عديدة مشبوهة، فإن البحث عن مصير تلك المليارات يجب أن يكون حديث الناس وشغلهم الشاغل حتى تتم معرفة الجواب الشافي. 
إن هذه البيانات المالية الخطرة لو تم كشفها في أي بلد آخر، لأسقطت حكومات متتالية وأدت إلى فتح ملفات الفساد على مصراعيها، وتسببت بسجن وملاحقة كل من انفقها أو تلقاها أو ساعد في شيء من ذلك، وهو ما لا يجوز السكوت عنه، ولنكن على علم بأن هناك من يتعامل مع الدولة وكأنها مؤقتة وحانت لحظة تصفيتها واقتسام ثرواتها، مختارا لنفسه هذا المسلك التآمري على مقدرات الدولة. 
إن السكوت عن هذا الأمر لن يجدي نفعا وتجاهله لن يغير واقعا، وإلهاء الناس بزيادات عشوائية لن يحقق هدفا ولا يخلق استقرارا، وتعمد الحكومة في خلق قضايا للصراع السياسي لن يكون مهربا. 
إن مسؤولياتنا جميعا على المحك، فكل يوم يمضي وعجلة الفساد ونهب مليارات الميزانية وتضخم بنودها السرية يعني أن البلد يسير بمنزلق الانهيار، وهو ما تحدث عنه المواطنون وطرحه بعض أعضاء مجلس الأمة ووثقته تقارير دولية، فهل ننتظر لحظة الانهيار؟ 
اللهم إني بلّغت،،