أقلامهم

سعود السبيعي لايدري لماذا تحولت دواوين الكويت إلى مزادات علنية لتسويق مواقف النواب وترويج أرصفة الحكومة

ا أدري لماذا تحولت اغلب الدواوين والمجالس الى مزادات علنية لتسويق مواقف النواب وترويج ارصفة الحكومة؟ حتى اصبحت ضجيجا لا ينقطع كهدير المصانع، وضغطا ينخفض ويرتفع، يجتمعون وهم اصدقاء ويتفرقون وقد باتوا اعداء، وكل منهم يردد: «نائبنا بطل ونائبكم خبل، وكاذب ربيعة خير من صادق مضر»، بينما النواب يعدون الاصوات ويتاجرون بتاريخ الاموات، وكل نائب يطلق عسسه وجواسيسه لتجوب الدواوين كي ترصد اسماء الانصار والمهاجرين، والحكومة كذلك لها بصاصة ومصاصة يسابقون عسس النواب في نشر الاخبار المضادة وغسل الادمغة مما علق بها، وهكذا اصبح حال الدواوين مناكفات تتطور مع سخونة النقاش الى مصادمات، تفرق بين الخليل وخليله، وبين الوزير ووكيله، تراهم جمعا وقلوبهم شتى، اختفت بينهم حميمية الاخاء ودفء الصداقة، وضاعت نخوة النشامى خلف المصالح، وتحولت الى علاقات عمل تنتهي بانتهاء الحاجة، تبدأ بعقد الصفقات وتنتهي بتبادل الصفعات.
تحولت الدواوين الى مقاه تستقطب الساهي واللاهي، لا احد يعرف الآخر، وجوه تأتي لسبب وتختفي لسبب، او تبقى وفي انيابها العطب، ابتساماتها مزركشة وأحاديثها منمقة، تتمدد وتنكمش بحسب المصلحة، وتنبطح حسب الاهواء، وتنقلب حسب الاجواء، وكما قال الله تعالى (وكل انسان الزمناه طائره في عنقه).


الله بالخير الله بالخير، هي الشفرة التي تفتح باب التعارف، وتمهد للنقاش، وتبدأ العلاقة ناعمة، وتنتهي نهاية مأساوية.


ألتقي احيانا مع بعض الاصدقاء وأسألهم عن اصدقائهم الذين تجمعهم ديوانية واحدة وأفاجأ بأنهم منقطعون، وبسؤالي عن السبب تكون الاجابة صدمة، فالاصدقاء هجر بعضهم البعض لا لسبب وجيه، انما لان كلا منهم اصبح اداة بيد غيره، يتحدث بصوت الآخرين لا بصوته، يجهش بالبكاء اذا بكوا ويفرط بالضحك كلما ابتسموا، يشارك بالانابة عنهم في معاركهم بلا هدف، اصبح اجيرا يقاد دون ان يمسحوا عرقه، وتحول الى حرباء تنثر الرماد، لا علم له بأحوال الدنيا الا من خلال التصريحات الصحافية التي يطلقها امراء الحرب السياسية، ومن ثم يطلق النار عشوائيا على من حوله من رواد الديوانية


راكبا حصانه، شاهرا لسانه، فويل يومئذ لمعارضيه، وهكذا ينهي التعصب عشرة الاجير مع اصدقاء الزمن الجميل، وينفض عنه المخلصون، ويتلقفه الافاقون من جواسيس النواب وعسس الحكومة، فيتحول الديوان الى حانة للجواسيس والعملاء، اما هو فلا احد عرف عن نضاله واستبساله، سوى المرآة التي يحلق امامها ذقنه ويشذب شاربه، يحييها بابتسامة النصر، وينظر اليها بعيون تائهة تبحث عن هدف.