عبداللطيف الدعيج
توقفوا… أو ارحلوا كلكم
بغض النظر عن سلامة تمسك الشيخ ناصر المحمد بمنصبه من عدمه، وبغض النظر عن اصراره على اللجوء للقنوات القانونية والدستورية لـ«ترحيله»، يبقى مهماً التأكيد هنا ان الكويت تفقد الكثير نتيجة هذه المناكفة وهذا العداء بين الشيخ ناصر وبين خصومه. كل هذا يدفع بنا الى التوصل الى ان انهاء هذا الاحتقان الدائم الذي يتحكم في البلد اصبح ضرورة وحتمية بغض النظر عن الارباح والخسائر، وربما بغض النظر عن الضحية او الضحايا.
واضح الآن ان مرحلة التوازن، التي تهيمن على البلد، هي بمنزلة شد حبل بين اطراف تملك القوة ذاتها وربما تملك الاصرار ذاته والعناد ذاته ايضا. ان الشيخ ناصر وربما القيادة السياسية ايضا يتمسكون بضرورة حسم الخلاف دستوريا، وضمن القنوات الدستورية والقانونية التي حددت ذلك. الطرف الآخر يضرب في «الفاضي والمليان» ويستغل كل شاردة وواردة لحشدها او توجيهها للاطاحة بالحكومة ورئيسها، ونتيجة هذا القصف العشوائي تقع الانظمة والقوانين والاصول وحتى التقاليد والاعراف ضحية لهذا الاستثمار غير الحضاري وغير الشرعي لها في المواجهة بين الشيخ ناصر وخصومه.
ان هذا بحد ذاته خطر قاتل على نظامنا الديموقراطي الذي لا يزال في بدايته، وعلى القوانين والضوابط التي لم تتجذر بعد. ان هذا الخطر يتكرر يوما بعد يوم. ويبدو انه لسوء حظ الحكومة او حسن حظ مناوئيها، فان الكويت لم تعدم ولا يبدو انها ستعدم الازمات او الفضائح التي تستغل وتوجه لإحراج الحكومة ولترحيل رئيسها.
بعد ما سمي بـ«الايداعات المليونية»، التي أُصدرت فيها الاحكام وعلقت المشانق قبل الحكم وحتى قبل الاتهام، ها هي قضية العقيد شكري النجار تتحول من قضية «احوال شخصية» ــ بحكم طبيعة العلاقة بين طرفيها ــ او مشاجرة بين طرفين، الى قضية سياسية يحشر فيها وزير الداخلية، وبالطبع مع الحكومة ورئيسها. النواب الذين توسطوا ويتوسطون وسوف يتوسطون ايضا للقتلة ومروجي المخدرات ولمخالفي اللوائح والقوانين، هم الذين يقفزون الى المساءلة السياسية والى جر وزير الداخلية او رئيسه الى منصة الاستجواب بذريعة ان احد النافذين في الحكومة توسط لمصلحة العقيد النجار!
ان الصراع بين سمو الشيخ ناصر وخصومه اصبح اكثر من مكلف على البلد. فبعد تعطيل المشاريع ووقف التنمية، تتعرض الاصول والقواعد وحتى التقاليد هذه الايام الى العبث والتحريف، والمؤسف ان هناك من يبتهج ويشجع باعتبار ذلك يعجل في اسقاط الحكومة واقصاء الرئيس.
أضف تعليق