وليد الرجيب
الطفل عندما يضرب
من المعروف أنه عندما يضرب طفل تنشأ لديه إحدى خبرتين رئيسيتين اضافة الى خبرات اخرى متنوعة، الخبرة الأولى هي زرع حالة خوف وانكسار وفقدان الثقة بالنفس والشعور بالقهر، والخبرة الثانية هي خلق حالة غضب وعناد وحرنة قد تؤدي الى ردة فعل مباشرة، وهذه بالامكان معالجتها بسرعة، ولكن الخبرة النفسية الاخطر هي خوف متكرر مع بقاء الندوب للحوادث المتكررة والتي تخلق غضبا مكبوتا يظهر لاحقا يؤدي الى ايذاء نفسه والاخرين وينزع الخوف من داخله، وسواء كانت حالة الخوف والخنوع او حالة الغضب فهي نتيجة سببها الضرب، ولا يجب هنا معاقبة الطفل على سلوكه ولكن يجب البحث عن السبب ومعالجته.
لست هنا بصدد مقارنة هذا المثال باقتحام مجلس الامة ولست بصدد تبرير هذا الاقتحام، ولكن حسب المثال السابق فهذا الفعل كان نتيجة وردة فعل، كان غضبا وسخطا تنامى مع تكرار انتقاص حقوق المواطن واحباطه وفقدانه لامانه ولمستقبل اجياله.
كان الانسان الكويتي يجد أمانه بالدستور وبالقوانين التي تحميه واطفاله، ولكن لم يعد الامان موجودا بسبب فساد الجهاز الامني وتعسف التحقيق الذي قد يؤدي الى القتل وبسبب تغطية فساد بعض رجال الأمن من قبل رجال المؤسسة الأمنية ذاتها، فمن يطالب المواطن بأن يأخذ حقه بالقانون يجب ان يضمن تطبيق هذا القانون بالعدل.
وكذلك من يطالب بأن تحل القضايا السياسية تحت قبة البرلمان وليس بالشارع، يجب أن يتيح للنواب استخدام ادواتهم الدستورية وان يفعل القوانين ومواد الدستور لا ان يعطلها، بحيث يشعر المواطن ان ملاذه الحقيقي هو القانون والدستور وانه ليس بحاجة الى التعبير عن رأيه بوسائل اخرى.
لكنه من الواضح ان افق العمل البرلماني قد سد تماما حتى تحول المجلس الى كيان صوري وتحولت الديموقراطية الى شكلية، فلم تعد تجدي مساءلة او لجان تحقيق، فقد انتزعت كل ادوات الانسان الكويتي الديموقراطية والقانونية ولم يعد له مجال للمطالبة والتعبير عن رأيه إلا في الشارع اصل العمل السياسي للبشرية والذي خلق الديموقراطية في العالم المتحضر.
ان نتيجة غضب الناس وجدتها الحكومة فرصة للتركيز عليها وحرف انظار الناس عن خطيئتها المتمثلة بالفساد والرشوة والعبث بالدستور ونهب المال العام وهدره وتقويض المكتسبات الديموقراطية وانهاء حياة الرفاه التي كان ينعم بها المواطن والوطن.
ان الاخطر ليس قمع الناس وتقييد الحريات واتخاذ اجراءات امنية مشددة فقط، لكن الاخطر ان الحوادث الاخيرة استغلت طائفيا وفئويا وحتى طبقيا، حيث صورت حركة الاحتجاج الاخيرة وما نجم عنها على انها من فعل فئة معينة وطائفة معينة حسب مطلق الاتهام ولهذا تداعياته الكارثية على المجتمع.
ان من يدعي ان قاعة عبدالله السالم قد دنست وخربت من قبل المحتجين الغاضبين يجب ألا يغفل ولا ينسى» ان هذه القاعة قد دنست وخربت اولا كرمز للامة من قبل نواب فاسدين كذبوا على الناس وسرقوا احلامهم، واسيء الى اسمها من خلال ممارسات حكومة راشية مفسدة لا تريد الخير لهذا البلد وابنائه.
أضف تعليق