أقلامهم

عبدالعزيز التويجري: سيبقى الجرح مفتوحاً وسيمر وقت طويل قبل أن ينسى المجتمع الكويتي أحداث “غزوة الأربعاء”

غزوة الأربعاء
عبدالعزيز التويجري
 



سيمر وقت طويل جدا، وربما سنوات عدة قبل أن يستفيق المجتمع الكويتي من هزة يوم الاربعاء الأسود، والتي أسميها «غزوة الاربعاء» الى مجلس الأمة.
ثمة أسباب كثيرة تؤدي الى أن يبقى الجرح مفتوحا، أولها أن الذين قاموا بهذا الفعل هم أبناء البلد وليسوا غزاة قادمين من الخارج. أما السبب الآخر والأكثر ايلاما، فهو يتمثل في كون الذين حرضوا وتبنوا هذا الفعل الهمجي هم من الذين أوصلتهم الأمة الى مجلسها، ليكون جزاؤهم بهذا الشكل اللاحضاري.
حسنا.. اذا كان الفعل قد جرى الآن، ولم يعد بالامكان استرجاعه، فما المطلوب لمواجهة مثل هذه التصرفات في الأيام المقبلة، باعتقادي أن أول خطوة يجب أن تتخذ هي الحزم، ويتمثل في تطبيق القانون على الأشخاص الحقيقيين الذين كانوا وراء هذا الفعل، وليس فقط الذين شاهدناهم على الشاشة، وهذا يعني أنه ليس الذين اقتحموا مجلس الأمة فقط، هم من يقف وراء هذا الفعل، بل هناك آخرون ربما لم يظهروا في الصورة، وهؤلاء هم المشكلة الحقيقية، اذ كيف تتم محاسبتهم قانونيا، وهم غير معروفين، ويعملون من وراء الظلال؟!. ولكن مع ذلك فمن المهم محاصرتهم سياسيا، وتقليص دورهم الهدام في المجتمع بدفع أصحاب الأفكار النظيفة والبعيدين عن الفساد والمفكرين والمثقفين من أبناء الكويت، ليأخذوا مكانتهم الحقيقية في المجتمع، حتى اذا ما جاء هؤلاء، وجدوا أمامهم عقولا على مستوى من الوعي.
وخيرا فعلت قيادتنا السياسية بأن تحدثت بلهجة حازمة لا مجال فيها للمحاباة، كما خيرا تفعل الجهات القضائية حين تقاضي كل من أقدم على هذا الفعل، كي لا يتحول الأمر الى فوضى باسم الحرية.
الذي يحصل الآن في الكويت، أن أصحاب الصوت العالي والصارخين هم من يأخذون زمام المبادرة، وهم من يحققون المكاسب، والمشكلة أنه تتم مراعاتهم أيضا، بل ومداراتهم على حساب مقدرات الدولة ومستقبل أجيالنا المقبلة، وعلى حساب طمأنينة البلد وتنمية مشروعاته التي يتلكأ معظمها خوفا من أي هزة سياسية محتملة.
الأمر الآخر، يفترض بالناخب اليوم أن يتحلى بوعي أكبر مما سبق، فلا يتقيد بفئوية معينة، وأن يغلب مصلحة الوطن على مصالحه الضيقة، ويفترض به – ان كان واعيا – أن يكون كشف سلبيات نائبه، وبالتالي عليه أن يجيد الاختيار في المرات المقبلة.
البلد لا يحتمل أي مجاملات، والحزم لا يعني انتهاكا للديموقراطية، بل ضبط لخطها الأساسي، كي لا تحيد عنه. وأحيانا كثيرة يكون الدلال السياسي مفسدة علينا تجنبها في الحال.
* * *
ومضة:
صحيفة الواشنطن بوست دعت الكويت الى أن تكون الانتخابات النيابية فيها ديموقراطية، ونقول للصحيفة: «تفضلي وتابعي انتخاباتنا، لتعرفي ان كان كلام محررك صحيحا أم لا».. مشكلتنا ليست في ديموقراطيتنا بل في النواب!