أقلامهم

ابراهيم العوضي: المؤسف أن تنظم الفرعيات على مرأى ومسمع من القنوات والصحف

«تشاورية» أو «فرعية» … كلاهما سيّان


إبراهيم أديب العوضي


نتابع بترقب هذه الأيام ما تقوم به بعض القبائل من انتخابات فرعية أو كما يحلو للبعض أن يطلق عليها تشاورية، ونحن نعيش حالة من الحزن والأسى على ما يسعى إليه البعض من اختراق للقانون والتلاعب عليه من خلال اتباع أساليب ملتوية لتجنب الوقوع في شرك قانون تجريم الفرعيات والذي جاء حكم المحكمة الدستورية مؤكدا على دستوريته من خلال حكمها الصادر بتاريخ 5 ديسمبر 2011، ليطوي بذلك سلسلة من الجدالات التي كانت تقوم على أساس عدم دستورية القانون الذي سعى فيه المشرع لوضع حد لعدد من الممارسات اللاوطنية والتي واكبت الانتخابات الفرعية.
ولعل ما يدعو إلى الحزن أن هذه الانتخابات قد تمت على مرأى ومسمع جميع القنوات الاعلامية والصحف المحلية والمواقع الالكترونية، بل ان هذه الجهات الأعلامية قامت بنشر وسرد تفاصيل هذه الانتخابات لحظة بلحظة ونقل وقائعها بكل دقة. إن من المؤلم حقا أن منظميها يدافعون عنها بحجة أنها تشاورية وليست فرعية، وهنا أكاد أجزم أنني إما أن أكون غير مدرك لمفهوم التشاورية أو أنهم كذلك، فكيف لتشاورية أن تتم وهناك تصويت علني بصناديق؟ وكيف لتشاورية أن تتم بالسر وهم يعتقدون أنها شرعية وتكون موزعة على أكثر من مقر وديوان حتى لا تكتشف؟ وكيف لتشاورية أن تتم وقد وصل عدد المصوتين فيها إلى أكثر من عشرة آلاف شخص؟
كما ان وزارة الداخلية وإذا صدقت الأخبار المتناقلة على لسانها قد نجحت مبدئيا في التعامل الاحترافي مع هذه الفرعيات من خلال المتابعة الدقيقة والمتأنية لها ومن ثم احالتها على النيابة العامة دون أن يتم استخدام مبدأ القوة والعنف الذي كانت قد اتبعته في الإنتخابات الماضية دون أن يكون لذلك أي نتيجة تذكر، بل زاد الوضع تعقيدا حينذاك وجعلنا نعيش حالة من الاحتقان السياسي الذي ضاعت معه الأدلة والبراهين التي تؤكد قيام تلك الفرعيات.
لقد سعى المشرع في سن قانون تجريم الفرعيات إلى الوصول إلى هدف محدد، فكل قانون له غاية، وغاية هذا القانون هو السعي إلى تغليب مفهوم المواطنة على مفاهيم أخرى أقل أهمية كمفهوم القبيلة والمذهب والعائلة، إضافة إلى سعي هذا القانون إلى تعزيز المادة 108 من الدستور والتي تنص على أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها ويرعى المصلحة العامة، وخوضه للانتخابات الفرعية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك من أن تمثيله يكون فقط للقبيلة وليس للدائرة وإن كان قد نجح منها.
إن الانتخابات الفرعية لا يعرفها مبدأ حق أو قانون، كما أنها ووفقا لما جاء في نص حكم المحكمة الدستورية تكرس الانتماء الطائفي والقبلي على حساب الإنتماء الوطني وتتيح فرص الفوز للعناصر التقليدية صاحبة النفوذ والتأثير داخل القبيلة أو الطائفة على حساب العناصر الأكثر قدرة على العطاء والإبداع. انني أتساءل هنا كيف لمواطن يخترق القانون ويخوض الانتخابات الفرعية أن يدافع عن هذا القانون وغيره من القوانين ويحاول مساءلة ومواجهة من يحاول الالتفاف عليها داخل قبة عبدالله السالم وهو أول من أباح لنفسه انتهاكها؟!
إن ما جبلنا عليه من نظام سياسي ومن دولة الدستور ومفهوم الدولة المدنية ومن تلاحم والتفاف حول القانون والذي أرسى دعائمه وبنى أسسه اباؤنا وأجدادنا هو ما نسعى إلى المحافظة عليه، فالقانون هو القانون وتطبيقه يجب أن يكون على الجميع، ومسطرته يجب ألا تفرق بين صغير أو كبير، شيخ أو مواطن، سني أو شيعي، قبلي أو حضري، حتى لا يفقد القانون هيبته، فالكويت أولا وأخيرا هي دولة قانون وكنا وما زلنا نسعى لتأكيد هذا المبدأ. كما أرجو ألا يساء فهم كلامي على أنه موجه ضد أبناء القبائل، فتاريخهم المشرف هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الكويت القديم والمعاصر، إلا اننا ننادي بتطبيق جميع القوانين على جميع المواطنين من دون تفرقة أو استثناء.