أقلامهم

عبدالله محمد صالح يفكر في حلق اللحية

 أفكر في حلق اللحية!
عبدالله محمد صالح


في الغربة? بعيدا عن الأنظار? وتعليقات فلان وعلان على الهيئة والمظهر? يراجع الإنسان حساباته مع توارد الخواطر ووساوس الشيطان عن اللحية ومدى أهمية الالتزام بها. يعيش الملتحي في عالم انعزالي عن الناس? فإذا ركب الباص قفزت الأنظار إليه? وإذا ولج القطار تسلطت الأعين عليه? وما ان يفتح باب السلم الكهربائي ويطل على الناس بلحيته الملفلفة حتى تحمر الخدود.
وعلى النقيض من هذا كله? يجد الملتحي التقدير الكبير من قبل الجاليات المسلمة كونه أحد المجاهدين الأحرار? وأنه يذكرهم بالله الواحد القهار، فيوقفك حارس المسجد ليثني على اللحية? وتسألك البائعة عن حكم شرعي? وينصحك صاحب المتجر بالمنتجات الحلال? وهكذا يعيش الملتحي تحت الرقابة المشددة في كل حركاته وسكناته، فهو لا يسلم من غير المسلمين ونظراتهم من طرف خفي? ولا من ملاحقة الجاليات المسلمة بكل ما يذكره بأنه مسلم أولا وأخيرا.


والإشكالية الأخرى التي يقع فيها الملتحي أنه في حال احتكاكه بالمجتمع الغربي فإن عليه أن يقدم تنازلات معينة مثل المصافحة? والمخالطة? والمجاملة مع جميع الطوائف والأجناس مما يضعف إيمانياته وارتباطه بتعاليم الله. وهذا حاصل? فما من مسلم يخالط الأجانب في بيئتهم التحررية إلا وقد يجد نفسه قد انجرف معهم وبات الإسلام غريبا عليه.


ولهذا فإنني مع تلاطم الأمواج? أخيّر نفسي ما بين الخروج من الانعزالية التي يعيشها الملتحي في بيئته المغلقة عن العالم الخارجي? أو الانفتاح على المجتمع الغربي بثقافته وأفكاره والتحرر من الالتزام الظاهري. تساؤلات مهمة ومحرجة وفي الوقت ذاته اختبار عصيب لمدى جذور اللحية في القلب. وكما أقول دائما للآخرين وأنا الآن أذكر نفسي بها: إذا نبتت اللحية في القلب فستظهر على الذقن وربما تحتاج هذه العبارة إلى تأمل بعد حقبة من نباتها على الذقن.