أقلامهم

الوشيحي : خلي بالك يابني بكرة تندم … أوعى بكرة تندم دول كانوا على الأرائك ينظرون

بكرة تندم

محمد الوشيحي 
شيء أشبه بـ”النفّاضة” أصاب الجسد العربي قبل أكثر من سنة من الآن. بدأ في تونس ومايزال مستمراً، وإن خفت وهج جمراته، إلا أنها لم تنطفئ بعد.
على أن أكبرها وأسمنها كانت ثورة 25 يناير المصرية، التي سهر الثوار الأحرار على صحتها، وراجعوا معها دروسها قبل الامتحان، واقتطعوا من مصروفهم ليصرفوا عليها، وكانوا ينظرون إليها كما تنظر الأم إلى وليدها الوحيد، تعد الساعات والدقائق ليكبر فيعلي شأنها وشأنه.
 
كانت الأم تحذر وحيدها من مرافقة الإخوان المسلمين: “خلي بالك يا ابني، دول استغلاليين بيحلبوا النملة ويبيعوها بالتجزئة، وكانوا أول من أصدر بياناً يرفض قيام الثورة ويدعو إلى عدم الخروج إلى الميدان في 25 يناير 2011?، ثم تنهره إذا رافق الليبراليين، أو “ليبراليي مبارك”، أو “ليبراليي الزينة”: “إوعى، دول بيبصوا للبلد على أنها مشروع تجاري، أرباح وخسائر، لا همّا ليبراليين ولا يحزنون، وكانوا ثاني تيار يعلن رفضه الخروج إلى الشارع في 25 يناير 2011 على أساس إن هناك قنوات دستورية يمكن التعامل من خلالها، مع إنهم عارفين إن مجلس الشعب كان زي لعبة الأطفال في يد جمال مبارك”، وكانت ترفع سبابتها في وجهه إذا رأته واقفاً مع عمرو موسى أو أحمد شفيق: “بص، الاتنين دول تحديداً كانوا زي قوافل قريش، بيكسبوا في الشتاء والصيف، أيام مبارك كانوا بيكسبوا وأيام الثورة كمان بيكسبوا، عايشين في منجهة طول عمرهم، ولا نقطة دم نزلت منهم في أيام الثورة بسبب القناصة والبلطجية، ولا قطرة دمع وقعت من عينيهم بسبب الغازات المسيلة للدموع، ولا حتى رعشة خوف، دول يا ابني كانوا على الأرائك ينظرون، فإذا فازت الثورة في الماتش قالوا تحيا الثورة، وإذا فاز مبارك قالوا يحيا مبارك… خلي بالك”. كانت أم الولد تشرح له وتكشف وتضع الحقائق أمامه، وتذكّره بأشقائه وشقيقاته الشهداء والمصابين، الذين ضحوا بأرواحهم من أجله، فهل استمع إليها أم عقّها وخالف رأيها، رغم دمائها ودموعها التي سالت على أرض ميدان التحرير وبقية الميادين الشقيقة؟
 الجواب: لا أظن، فها هو الولد يتبادل الضحكات مع الإخوان المسلمين، ويسهر لياليه عند ليبراليي مبارك، ويبتهج لرؤية عمرو موسى وشفيق. ونحن نقول للولد، كما قالت له أمه: “بكرة تندم، بكرة تندم”.