أقلامهم

أحمد عيسى … موالاة معارضة إنه يوم الفصل

يوم الفصل

أحمد عيسى
تنتهي اليوم النسخة الرابعة عشرة من الانتخابات البرلمانية، التي تعد أغرب نسخة شهدتها البلاد منذ شقت طريقها النيابي الموصل إلى مجلس الأمة عام 1963.
اليوم يقرر الناخبون شكل مستقبلهم من خلال اختيار ممثليهم، وربما يكون الهاجس الأكثر إقلاقاً للمتابعين حجم المشاركة الشعبية بعد أن انخفضت على مدى العقدين الماضيين من 80- 90% خلال التسعينيات إلى 50- 60% خلال انتخابات مجلس 2009.
ويبدو أن العلاقة بين السلطتين ستكون ملتهبة كون مقدمات الانتخابات تنبئ بنتائجها، وبالتالي سيكون المجلس الجديد أول مجلس يتكون من فريقين نيابيين منقسمين فيما بينهما، بخلاف المجالس السابقة التي كانت تتألف في مجملها من موالاة ومعارضة، لأن المجلس الجديد سيكون مجلس معارضة ومعارضة المعارضة.
وبجرد سريع لأبرز الأحداث التي شهدتها الانتخابات الأخيرة نرى أننا أمام انتخابات غير مألوفة ارتفع فيها سقف الطرح إلى ما بعد النقد ليصل إلى مشارف الشتائم واستخدام اللغة المتوحشة التي أتت بدورها استكمالا لبعض ما كان يقال بالمجلس المنحل، إضافة إلى شطب وزارة الداخلية لبعض المرشحين الذين عادوا إلى الانتخابات بأحكام قضائية، ووجود استقطاب طائفي وفئوي ألقم فيه بعض المرشحين نار حملاتهم، وانتهى بما حدث من سجالات سطحية وتافهة بين بعض المرشحين.
وتشابه في هذه الحملة الانتخابية جميع المرشحين، فممثل السلف يقول ذات الكلام الذي يردده الليبرالي، ومثله المقربون من كتلتي “إلا الدستور” و”إلا الرئيس”، فالكل يتحدث بأفكار ومفردات مكررة، وشهدنا في بعض المراحل انقلاباً بين مواقف وتصريحات بعض المرشحين مقارنة بما قالوه وهم نواب.
ولعل من غريب المصادفات أن يسدل ستار الحملة الانتخابية على مشهد مقزز تمثل بحرق مخيم المرشح محمد الجويهل تماماً مثلما أقفل المشهد البرلماني على مشهد مقارب تمثل باقتحام قاعة “عبدالله السالم”، مع الرفض المطلق للحدثين ومسبباتهما.
كما شهدنا اختراقات كبيرة لقانون الانتخاب لا تقل جسامة عن شراء الأصوات أو التلاعب بالقيود الانتخابية، فقد أجريت الانتخابات الفرعية لعدد من القبائل والطوائف بكل شفافية، كما رأينا إعلانات للمرشحين تغزو الشوارع رغم منعها قانوناً، وتغييباً لمهنية بعض وسائل الإعلام بالتعامل مع المساحات المخصصة للأخبار على أنها مساحات إعلانية مدفوعة الأجر، وزاد ذلك التأثير غير المباشر في إرادة الناخبين، والذي لمسناه من خلال نتائج استفتاءات لا نعلم آليتها وشريحتها، بقدر ما أنبأتنا عن ارتفاع حظوظ مرشحين مقارنة بآخرين، وساهمت بتشكيل مزاج عام داعم لهذا المرشح أو ذلك، وجميعها مخالفات صريحة لقانون الانتخاب الذي لا يزال البعض يطالب بتطبيقه على جرائم المال السياسي فقط، دون جميع ما سبق من مخالفات إضافة إلى الانتخابات الفرعية.
اليوم سيضع الناخبون حداً لكل هذا، فبعد الساعة الثامنة مساء ستعود الفرق المقاتلة إلى ثكناتها والمدافع إلى مخازنها بعدما قصف كل فريق معسكرات الفريق الآخر مخلفين جروحاً غائرة على جبين الوطن.
اليوم سيقول الناخبون كلمتهم بعدما استمعوا طويلاً لكلام المرشحين، وغداً سيكون يوما جديدا، نطوي فيه صفحة الماضي ونتحدث عن المجلس الرابع عشر بتاريخ الكويت البرلماني.
المشاركة اليوم ضرورة، فانتخابات مجلس الأمة هي الوسيلة الوحيدة للمشاركة بإدارة الدولة، فندوب المرحلة السابقة لا تزال واضحة، وهو ما يعمق مسؤولية الناخبين ويبين دورهم باختيار ممثليهم في حال أساؤوا الاختيار أو امتنعوا عن ممارسة حقهم الانتخابي.
اليوم سينتخب المواطنون برلماناً جديداً لن يتمكن ربما من حل جميع مشاكل البلاد، لكنه حتما سيطوي صفحة الماضي بقضها وقضيضها، ويرسم ملامح المشهد السياسي الجديد.