أقلامهم

أحمد عيسى : تشكيل المجلس الجديد ينبئ بتحول معارضة الشيخ ناصر المحمد إلى موالاة للشيخ جابر المبارك والعكس

فزنا عليهم


أحمد عيسى


بإعلان يوم الثلاثاء المقبل موعداً لافتتاح أعمال الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة، تكون الكويت طوت صفحة الانتخابات لتشخص الأنظار ناحية أخطر برلمان تشهده في تاريخها السياسي.


مجلس 2012 تسيطر على أغلبيته قوى معارضة لا تعلم ماذا تعارض بالضبط، قاسمها أنها تقوم على تحالف بين أبناء القبائل والتيارات الدينية يشكلون مجتمعين أكثر من 25 نائباً بيدهم أغلبية تسعى بداية إلى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من مقاعد مكتب المجلس للسيطرة عليه، ثم الالتفات إلى العمل البرلماني، والذي سيقوم بالدرجة الأولى على أساس عنيف يستمد قوته من سخونة الأجواء الانتخابية التي مهدت لوصول النواب إلى مقاعدهم.


وتفيد المعطيات الأولية إلى وجود توجه قوي لتبادل أدوار بين طرفي المعارضة من نواب التيار الديني وأبناء القبائل، بحيث يوفر الدينيون غطاءً لأبناء القبائل بالشق الرقابي والاستجوابات وطلبات حجب الثقة وعدم التعاون والمساءلة، مقابل توفير أبناء القبائل ذات الغطاء للدينيين بالشق التشريعي وإقرار القوانين، وهذا السيناريو هو الأكثر رجاحة نظراً لأن الطرفين بفضل الزخم الذي أوصلهما إلى البرلمان لن يجدا بداً من ذلك لضمان تحقيق أهداف كل طرف.


ولكون نتائج الانتخابات الأخيرة جاءت على أساس “فزنا عليهم” وهي ذات الأهزوجة الشعبية التي يرددها جمهور المباريات قبيل مغادرتهم مدرجات الملعب حينما يفوز فريقهم، سيجد نواب الأكثرية المعارضة أنفسهم ملزمين بأعمال مبدأ “فزنا عليهم” على الحكومة أو الأقلية المعارضة في أي عمل برلماني مقبل لإرضاء الجماهير التي تشجعهم، ولهذا ربما يسود الترقب المشهد في بداياته ثم سيستوعب نواب المعارضة أنهم لا يملكون مشروعاً سوى تمكين المواطنين من خزانة الدولة كسبيل لكسب رضا ناخبيهم، ولا أجندة جاهزة إلا أجندة التيار الديني. أما على صعيد الكتل فإن كتلتي “التنمية والإصلاح” و”العمل الشعبي” أكبر خاسرتين من مخرجات الانتخابات، لأن التيار الديني بشقيه “السلف” و”الإخوان” يملك الآن منفردا كتلة قوامها 12 نائباً، وهي أكبر بثلاث مرات من حجم الكتلة بالمجلس الأخير، أما “الشعبي” فإن عدد النواب العنيفين بالمجلس يفوق عدد نواب الكتلة بالمجلس السابق بالضعف، ولهذا ستسعى قيادة الكتلتين إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من مخرجات الانتخابات لاحتواء الأداء وتوحيد الصفوف حتى لا تفقد الكتلتان زخمهما وحضورهما، وهذا لن يتضح إلا بعد نتائج انتخابات مكتب المجلس بالجلسة الافتتاحية.


أما كتلة العمل الوطني والتيار الليبرالي فهما من تتحملان وحدهما مخرجات هذا المجلس بعد أن أطلقتا “5 رصاصات وطنية” على حكومة الشيخ ناصر المحمد، فارتدت على نوابهما وأردت مرشحيهما بصناديق الاقتراع، وحولتهما من كتلتين سياسيتين فاعلتين إلى رقم مهمش بالمعادلة السياسية، وهو الثمن الذي دفعه نواب الكتلة والتيار نتيجة لتغيير اتجاههم وانتقالهم إلى معسكر المعارضة، لأنهم بكل بساطة تحولوا من قادة في معركتهم إلى جنود في معركة غيرهم.


إن تشكيل المجلس الجديد ينبئ بتحول معارضة الشيخ ناصر المحمد إلى موالاة للشيخ جابر المبارك، والعكس، يضاف إلى ذلك خسارة مقربين من الشيخ أحمد الفهد لمقاعدهم البرلمانية بشكل كشف انحسار نفوذه بشكل ملموس، ولهذا فإن المجلس الحالي نسخة لنفس المجلس السابق لكن برؤية إخراجية معكوسة، لذلك لن تلوح في الأفق خلال المستقبل المنظور أي تباشير لاستقرار سياسي، تماماً مثلما لم تكن هناك أي مؤشرات لذلك في مجلس 2009.