أقلامهم

مبارك الذروه : تدور الأزمنة وتسقط أقنعة وتتكشف مصالح وتتجلى مواقف فتظهر الحقيقة

 الحقيقة الغائبة

 د. مبارك عبدالله الذروه 
الناخبون ككل الناس لهم منطلقات وأسس تربوية وقيمية تشكلت عبر الزمن لتكون هويته.. قصدا أو دون قصد..! عقول الناخبين تحمل صورا ذهنية عن الاشخاص والجماعات والديانات والفرق والحضارات.. تلك الصور والعلامات والافكار والرموز والاراء والاتجاهات شكلت معالمها ما نقرأه ونسمعه ونشاهده، ومع الزمن اصبحت قناعات وعقائد..! شكلتها برامج متلفزة وصفحات الجرائد وأخبارها المفبركة، رسمتها في أذهاننا خدع الاعلام وأمثلة العرافين الشعبية، وحفظتها بذاكرة العقل العام نكت السياسة وحواتيت الأرصفة!
لكن، هل كل تلك الخرائط والصور الذهنية صحيحة؟ هل العالم الخارجي والمحيط بنا صحيح كما نراه أم ان ما نشاهده ونسمعه هو ما بداخلنا نحن فقط!! ثم هل ما تعلمناه او قرأناه او شاهدناه صحيحا حقيقيا لا لبس فيه او غموض؟ أليس من الممكن ان يكون بعض منه غير حقيقي… والحقيقة غير ذلك؟! لو كان كل ما أراه حقيقيا وكل قضية آمنا بها حقاً لماذا إذن نختلف… ولكن ما المقصود؟
لماذا نقول ذلك؟
نقول ذلك لأننا نعيش حياتنا في أطوار متتابعة… الصور العشرينية ليست كصور الخمسينات! فأنت في العشرين من عمرك تختلف عنك في الثلاثين وعنك في الأربعين! آراء واتجاهات وميول اختلفت تماماً عند كثير منا.. هل هو النضج العمري ام طبيعة النمو ام انه تغير الأزمنة ومعطيات الثقافة والحضارة..؟!
نعود الى الناخبين ومنطلقاتهم..مرة اخرى! هناك من ينطلق من أسس قبلية، وطنية، دينية، طائفية، تجارية، عائلية، حزبية! انت تختار نائبا ملتحيا متدينا لأنك تشكلت ذهنيا انه الأفضل.
 
وتختار مرشحا من قبيلتك لأنك ترى القبيلة أساس هويتك ووجودك، وتمنح الحزب صوتك لأنك تنسجم مع أهدافه وتطلعاته. وتقف مع الطائفة لانها العمق العقدي والطائفي لاقليتك….وهكذا.
وتدور الأزمنة وتسقط أقنعة وتتكشف مصالح وتتجلى مواقف فتظهر الحقيقة مرة اخرى.. واذا الأبعاد المادية والشخصية والتجارية في كثير من حلبات صراع الامة هي مركز الحراك ومحور الفاعل السياسي والاجتماعي.. واذا بنا نرى خلاف ما هو حقيقي، فالصور غير الصور والكلمات غير الكلمات. سقط متدينون وتكسب القبليون وتطرف الطائفيون واستغل التجار طيبة الناس ولعب الساسة بالنار والشعب أكثره لا زال مخدوعا بشعارات القوم وكلماتهم… والمشهد الاخير هو هل ما زال الشعب مقتنعا في اختياراته؟ هل ما رآه هو الحق والحقيقة؟ ام انه اختار ما هو مصور في ذهنه؟
تساؤلات تحتاج الى بحوث مركزة لتكتشف بعدها ان من يختار للوطن والأمة هو من ينشد الحقيقة وما سوى ذلك ستظل صورا ورموزا باهتة في الذهن المتقلب عبر الزمن..