أقلامهم

عبد الرحمن العوضي للوزراء : لتكونوا جميعا حزمة واحدة


وإلى الحكومة تحية

 د. عبد الرحمن العوضي 
فوجئنا جميعا بحكومة أغلبها من الشباب ومن أصحاب الاختصاص، وإن لم يعمل أغلبهم سابقا في الحكومة، لكن خبرتهم كبيرة في العمل خاصة في المجال الذي عينوا فيه. وما أرجوه ألا يصدموا من أعضاء مجلس الأمة بما سيواجهونه بما يسمى بالمعارضة من أجل المعارضة الذين سيحاولون تصيد الأخطاء والمشاكسة والازعاج للوزير وخاصة إذا لم يتم تلبية طلباتهم التي هي في أغلبها طلبات لا تستحق الوساطة أبدا، لكنهم دائما يحاولون أن يشعروا ناخبيهم بأنهم القادرون على تلبية طلباتهم، وفي بعض الأوقات إرغام الوزير على تلبية هذه الطلبات، إما بالتهديد بالاستجواب أو بالتهديد بتصيده بالحق أو الباطل.
إخوتي، أكتب إليكم كزميل عاصر أكثر من سبع تشكيلات حكومية على مدى ست عشرة سنة في مجالات مختلفة من الصحة والتخطيط ومجلس الوزراء، ففي كل عمل يقوم به الانسان يجابه بعض المشاكل والتغيرات، وفي هذه المناسبة أناشد كل وزير أن يتعرف قبل كل شيء على أمور وزارته قبل أن يدلوا بأي تصريح، وعليه الاجتماع بالعاملين معه في الوزارة، ولا يكتفي بالعبارات العامة فقط بل يستمع إلى إجابات لأربعة أسئلة. هل لديكم مشاكل في مجال الخدمة؟ وهل لديكم اقتراحات لحل هذه المشاكل؟ وهل لديكم الاستعداد بأن نعمل كفريق واحد وليس كأفراد في مواجهة المشاكل؟ وهل يعلمون بأنهم في هذه الوظائف لخدمة المواطن، وليس للتحكم والتصرف على مزاجهم في التعامل مع المواطن؟ فلولا المواطنون وحاجتهم إلى خدمات الوزارة لما احتجنا إلى توظيف موظفين وتكوين الوزارات والهيئات وليعلموا جميعا بأنهم في خدمة المواطن. وهذا شرف كبير أن تتاح للإنسان فرصة ليلبي حاجة مواطنيه.
هذه أهم أسئلة يسألها الوزير للعاملين معه في الوزارة، ولا يكتفي بردود القياديين في وزارته بل ينزل الميدان ويتعايش مع العاملين في وزارته والمجموعات المختلفة من العاملين، ويجب أن يتسع قلب الوزير لسماع الشكاوى، ويحاول دائما أن يلبي قدر الإمكان طلبات المواطنين خاصة أن هناك البعض المستحق فعلا لمثل هذه الخدمة، ويحاول أن يقنع المواطن بأنه إذا جاء مباشرة للوزارة خير له من توسيط الغير لتلبية حاجته.
الكل يجب أن يعلم أنه في خدمة المواطن، وهذا عهد أخذه الوزير أمام صاحب السمو الأمير حفظه الله وأمام مجلس الأمة؟ وأقسم بأن يؤدي أعماله بأمانة وصدق. هذا القسم قد يبدو بسيطا، ولكن يصبح القسم أيضا أمام الله. فهو الذي سيحاسب إذا خان الأمانة وقصر في خدمة الوطن حتى لو لم يحاسبه أحد، فإن الله هو الرقيب الحسيب الدائم.
أما علاقتك بإخوانك في مجلس الأمة فلتكن علاقة عمل، واحذر كثيرا من يحاول استغلالك بجميل الكلام والإطراء، فكلهم لديهم أجندات خاصة، فاحذر أن تقع في فخ هذا الجدال، ليس فقط في مجال تسهيل خدمات أو قبول واسطات، إنما في مجال رسم المستقبل والسير في طريق آمن لتنفيذ برامجكم، ومع ذلك اهتم باقتراحات النواب ولا تقصر معهم.
أما عن علاقة اعضاء مجلس الأمة مع الموظفين فحاول أن تحد من اتصال اعضاء مجلس الأمة بهم في الوزارة مباشرة حتى لا يكسبوا ولاء الموظفين، وتشجيعهم على التفريط بكثير من المعلومات المتوافرة لديهم. فيجب ألا تقبل الواسطة في ترقيات موظفيك بل احرص على ان تكون الترقيات والتوظيف حسب الكفاءة والقدرة.
وفي الوقت نفسه، عليك محاسبة المقصر منهم دون رحمة، ولا تقبل الواسطات في المعاملة بين موظفيك الكبار والصغار، فأنت في حاجة إلى وقوف الصغار معك قبل الكبار، فالموظفون عامة يستحقون التقدير إذا أحسنوا العطاء، والعقاب إذا قصروا في أداء واجباتهم.
فالعملية بسيطة في نظري، كلها تنسيق في علاقة انسانية بين البشر، فعليك أن تنمي الاحترام والمحبة بين موظفيك وليس الخوف منك، فالرحمة مهمة جدا في العقاب، كما أن الشدة مهمة جدا عن الحساب.
وقبل هذا كله تذكر بأنك تعمل في فريق متضامن ولا يعمل كل وزير منفردا، وأن تساند رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك الصباح الذي يتولى الأمر لأول مرة مع مجلس أمة جديد، ولتكونوا جميعا حزمة واحدة معه متضامنين باذلين أقصى جهودكم في انجاح هذه التجربة الصعبة التي أنتم فيها. ودعائي لكم بالتوفيق لخدمة وطننا الكويت، وكان الله في عونكم.