أقلامهم

أحمد عيسى : أغلبية «الـ35» أباحت الموبقات

مجلس الموبقات

أحمد عيسى 

جلسة أول من أمس كشفت حقيقة المعارضة السابقة التي كانت تعارض لأجل المعارضة، بدليل أنها قامت بنفس ما قامت به الأغلبية السابقة التي كانت تعارضها وتتهمها بالتواطؤ وعقد الصفقات، لكن مع فارق بسيط جدا يتمثل «فقط» بأن الشخص الذي يمسك بمطرقة الرئيس تغير، وبالتالي أصبحت كل موبقات المجلس السابق حلالاً بيناً بالمجلس الحالي.

بدأ مجلس الأمة عمله الأسبوع الجاري باستكمال تشكيل لجانه المؤقتة ومعها اتفاق الأغلبية النيابية على وضع سلم أولوياتها التي ستشرع في إنجازها خلال مارس الجاري، كما أقر في جلسته أول من أمس تشكيل لجنتي تحقيق برلمانيتين للنظر في تجاوزات الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية، وهما القضيتان اللتان أودتا بالمجلس والحكومة الماضيتين، وأطلقتا عليهما «رصاصات الرحمة».
ورغم الإيحاءات النيابية المتلاحقة بعد كل اجتماع لكتلة أغلبية الـ35 نائباً للشارع بأنها أغلبية متحدة وجادة، يبقى الواقع مخالفاً لذلك كون نوابها لا يملكون أجندة موحدة شاملة، وما يقومون به هو مجرد «تنسيق جهود» لإقرار تصورات مختلفة ومقترحات انتخابية ستأخذ طريقها لتكون تشريعات دون معرفة خلفياتها أو عواقبها، ويصاحبها توجه لفتح خزينة الدولة وتوزيع أموالها على المواطنين مباشرة عن طريق تشريعات شعبوية بزيادات رواتب ومكافآت مالية، كما أن هذه التصورات عرضة للتضارب مستقبلا، وهو ما كشفته محاولة النائب عبيد المطيري استجواب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، ومطالبة عدد من نواب الأغلبية تعديل المادة الثانية من الدستور، إلا أن اجتماعات التنسيق خلت منها.
وبالحديث عن أغلبية «الـ35» لابد من الإشارة إلى أن هذه الأغلبية أباحت موبقات المجلس السابق، فرأينا الأولويات تحدد بدواوين النواب بدلا من اجتماعات اللجان البرلمانية ورفعها إلى مكتب المجلس، ثم ترضى بتأجيل استكمال تشكيل اللجان المؤقتة ومناقشة الوضع السوري لمدة أسبوعين رغم أن المقترحين مدرجان على جدول أعمال الجلسة الأولى.
واستمرت أغلبية «الـ35» استباحتها للموبقات بإعلانها أن مكتب المجلس لا يملك صلاحية سحب البلاغ المقدم للنائب العام عن جريمة اقتحام مجلس الأمة، وهو ذاته ما قاله رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي، إلا أن معارضيه وقتها رفضوا كلامه وطالبوه بسحب البلاغ، وأطلقوا عليه لقب «السجّان» دون أن يتجرأ أحد منهم اليوم على نقل اللقب من الرئيس السابق للمجلس إلى خلفه الرئيس الحالي.
ثم تستمر أغلبية «الـ35» بارتكاب موبقات المجلس السابق، وتقر تشكيل لجنتي تحقيق بقضيتي الإيداعات والتحويلات، وهو بالمناسبة مقترح للنائبة السابقة رولا دشتي، كما رأينا عدداً من نواب الأغلبية الجديدة يطالبون بتشكيل لجنتي تحقيق بالقضيتين بينما هم أنفسهم من خرجوا من القاعة قبل أربعة أشهر رفضا لإقرار مقترح كتلة العمل الوطني بانتداب نائبين للتحقيق في سجلات البنك المركزي حول ملابسات القضيتين، وهو بمضمونه أفضل من تشكيل لجنة تحقيق، لكن لغة التخوين بلغت وقتها حداً اتهمت فيه المعارضة السابقة نواب «الوطني» ودشتي بالتواطؤ والتخاذل وعقد الصفقات لحماية الرئيس السابق، ثم تشاء الأقدار أن نراهم أول من أمس يستبدلون الذي هو أدنى بالذي فيه خير، ويرضون بلجنة تحقيق، وهم من رفضوا انتداب نائبين للتحقيق بنفس القضية قبل أربعة أشهر.
جلسة أول من أمس كشفت حقيقة المعارضة السابقة التي كانت تعارض لأجل المعارضة، بدليل أنها قامت بنفس ما قامت به الأغلبية السابقة التي كانت تعارضها وتتهمها بالتواطؤ وعقد الصفقات، لكن مع فارق بسيط جدا يتمثل «فقط» بأن الشخص الذي يمسك بمطرقة الرئيس تغير، وبالتالي أصبحت كل موبقات المجلس السابق حلالاً بيناً بالمجلس الحالي.