أقلامهم

عالية شعيب : عيب يا بلد

غرف فناني المرسم الحر… «تفشّل»!

د. عالية شعيب 
حضرت منذ أيام فعالية مشاركة فناني المرسم الحر بابداع لوحات وطنية خاصة، من أجل المناسبة الوطنية في المرسم الحر.
وكان الجو ماطرا أبيض بسماء غائمة يتقطر المطر فيها صافيا دامعا على وطن يشتاق الفرح والمطر. كان التفاؤل والحبور والنشاط يعم المكان، تابعت أعمال كل من الأستاذة ثريا البقصمي وهي ترسم شجرتها الجميلة بألوانها الفاقعة المبهجة، كما شاركتني برسومات بعض لوحات لطلبة قاموا بمحاكاة لوحاتها بطرق وأساليب ومدارس مختلفة. مشروع رائع فعلا، وثريا تستحق فعلا مثل هذا التكريم من طلبة التربية الفنية ومن الاعلام وكافة مؤسسات المجتمع.
 ثم تابعت تطورات لوحة الأستاذ حميد خزعل، انسانه المتعجب بكتفيه المرتفعين يطرح أسئلته في ظل علم الكويت في اطار رمادي فاتح، ثم شاركت المبدع الشاب نواف الحملي جزء من تشكيل لوحته الوطنية، وكم أحببت تلك الغيوم الداكنة في الأفق وهي تنقشع لتظهر الشمس مشرقة بنورها الفضي عاكسة نور الأمل والجمال على فضاء اللوحة.
 وقد قام المجلس الوطني مشكورا بتوفير الخامات من كانفاس وألوان وفرش وبوفيه للفنانين. لكن كانت المفاجأة تنتظرني حين ذهبت مع ثريا لمشاهدة مرسمها في احدى غرف المرسم، وفوجئت بأنها تتشارك فيها مع فنانين آخرين، لها طاولة وكرسي وخزانة بسيطة لحفظ بعض الكتب بينما تضع يعض الحاجيات الأخرى على طاولة صغيرة أو على الأرض. وهكذا تنقلت من غرفة لأخرى وذهلت لمشهد مراسم فنانين عمالقة أعطوا من عمرهم وجهدهم وابداعهم للوطن، وهكذا يكافئهم الوطن، بوضعهم في غرف تشبه كثيرا غرف العزابية في خيطان في احدى المسرحيات المحلية. 
فأحدهم يعلق دشداشة على الحائط، واخر يضع ابريق شاي وفنجان وورق وفرش وألوان على طاولة تكاد تنهار في أي لحظة. مشاهد بائسة مزرية موجعة للقلب ومخزية في بلد بميزانية واقتصاد كالكويت يتمتع فيه المواطن بامتيازات عديدة. عيب فعلا على المجلس الوطني أن يعامل فنانين متفرغين بعد تاريخ مذهل من العطاء والجوائز بهذه الصورة البائسة. وأنا أدعو الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب علي اليوحة لزيارة مراسم الفنانين في المرسم الحر ليطلع ويرى بنفسه.
عيب أن نتبرع بالملايين ونهمل فنانين كباراً أسسوا نظريات ومدارس خاصة بهم وتدرّس لوحاتهم وانجازاتهم في جامعات عربية وغربية، عيب يامجلس ويا بلد… عيب.