أقلامهم

فيصل الزامل … الكويت ونهج التأليب

ما رأي الخليفة عمر بن عبدالعزيز في واقعنا؟

فيصل الزامل 
 
في الأجواء التي نعيشها في الكويت لابد من توضيح معنى كلمة «النجوى» التي يراد بها اليوم الحديث الناعم بين شخصين، ولكن معناها الحقيقي هو الكلام المثبط للهمم، ولهذا شن القرآن الكريم هجوما عنيفا على هذه الخصلة، فقال تعالى (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله) والحزن بفتح الحاء والزاي هو الاكتئاب والشعور بالإحباط، واعتبر القرآن النجوى طريقا للمعصية (يأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول).
نعم، لقد كثر الحديث اليوم بهذه الطريقة المذمومة، والتي تبدأ بعبارة من نوع «يا عمي، خاربة خاربة، شتصلح؟»، وهي من النوع الذي حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «من قال هلك الناس فهو أهلكهم».. هذه خصلة متعبة للشعوب ومتلفة للأوطان وقد قال عمر بن عبدالعزيز عن الآية الكريمة (ألم تر الى الذين نهوا عن النجوى) ما يلي «ما انتجى قوم دون جماعتهم إلا كانوا تأسيسا لضلالة»، والسعيد الموفق هو الذي يسلم من آفة الإعانة على الإحباط والفت في عضد الدولة، فقد سمع الحسن البصري رجلا يقول له «أنا لم أساعد بيدي في الفتنة الفلانية، ولكنني تكلمت فيها فقط».
فقال له الحسن: «يا ابن أخي، كم يدا عقرت ناقة صالح؟».
قال: «واحدة».
قال: «أليس قد هلك القوم جميعا؟ لقد رضوا صنيع غيرهم ومالؤهم»… جاملوهم.
واليوم نرى في الكويت نهجا قد اعتاد على التأليب على كل شيء وفي كل اتجاه، ونادرا ما يقول الجمع من الناس لمثل هذا «اركد»، بل تبث صوره وينفخ في صدره فيزايد على أمثاله ـ حتى يسبقهم ـ بعبارات الاستعلاء المذموم.. «أنفخ… فيطيرون من أمامي» وهي صورة من صور الغرور، نعوذ بالله من أن يدركنا وزرها، وإذا كان لابد للناس من مديرين يقيمون أودهم ويصلحون شؤون معاشهم من تعليم وعلاج وسواه فإن التعريض بهؤلاء بدافع الهوى لا شك أنه ضار بمصالح الناس بسبب إلهاء هؤلاء عن تفقد صالح الجميع والاستئثار بهم لصالح بعض المقربين دون سائر الناس، وهذا تعد لا يرضاه الله القائل (إن الله يأمر بالعدل والإحســـان) فبسبـــب ذلك تتزايد الفتن والبغضاء والضغينـــة، وقد رأينا كيف ازداد الفســـاد استشراء على يد من زعموا الإصــلاح حتى ابتعد القوي الأمين بعد أن صار هو الهدف المفضل لمن يزعم أنه يصلح، (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
ختاما، إن من واجب المخلصين بيان ما يحتاج الى بيان في التوقيت الصحيح، بغير هيبة من لومة لائم، ولا خوف إلا من الجليل الديان حتى لا يصيبنا بلاء «…أو ليسلطن الله عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم».