أقلامهم

عبد الهادي الصالح : عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها وليس طائفته

سر مفضوح في «الأولى»

عبد الهادي الصالح 
لابد من تقديم الشكر الجزيل لجريدة «الأنباء» لفتح صفحتين (عدد الأحد الماضي) للداعية حمد السنان لاستعراض تفاصيل هندسة الحشد الطائفي الذي قاده مع مجموعة من الدعاة في الدائرة الأولى لانتخابات مجلس الأمة الأخير، لكن ذلك عموما لم يكن سرا فهو مشاع وأهالي الدائرة الأولى يعلمون به وخاصة غرفة عمليات الاتصالات المكثفة من هؤلاء الدعاة يوم الانتخابات، وليس كذلك سرا ان نقول في المقابل ان هناك مجموعات ردة فعل بدأت تضغط منذ فترة من الطرف الآخر لممارسة مثل هذه العملية الطائفية، ولكن بعيدي النظر كانوا يرفضون مثل هذه المنهجية الفئوية، ومن ذلك يتبين ان الانتخابات الفرعية المجرّمة قانونيا ما هي إلا صورة فقط من صور وآليات أخرى كثيرة يتحايل بها المستهدفون لغاياتها.
 صحيح ان التكتيكات والتحالفات الانتخابية أمر مسلم به، ولكن عملية حشد علانية للطائفة ممنهجة وإقصائية ضد تلك الطائفة أمر سمج لا يتناسب مع الدعاة الإسلاميين الذين يصبحون ويمسون على مبدأ الآية الكريمة (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا) ولا يتناسب مع المنادين دائما بشعار الوحدة الوطنية (وما أكثرهم) بل ماذا نتصور من انجازات لمؤسسات دينية وأخرى شعبية ورسمية قيادتها تملك توجهات إقصائية لبني جلدتها، بهدف العنف؟! بل ماذا يمكن ان نتوقعه من مصداقية لمشاريع القوانين المقترحة الآن لدعم الوحدة الوطنية ونبذ الكراهية من نواب وصلوا الى المجلس عبر دعمهم للآلية التي أفرزت الناخبين الى طائفتين جهارا نهارا، أليس من المفهوم انهم ممتنون لهذه الآلية ومن الصعوبة أن يقفوا ضد إجهاضها؟! ولا يمكن ان تنجح مثل هذه الآلية الصريحة في طائفيتها دون وجود قاعدة شعبية تتعاطف معها وتؤيدها وتتحمس لها بشغف، وهذا هو مربط الفرس الذي يجعل الخطاب الرسمي للدولة في اتجاه الوحدة الوطنية مجرد صيحات في الهواء! إن لم تكن المؤسسات الإعلامية والتربوية والدعوية للدولة قد ساهمت بفعالية لتكريس الحالة الطائفية المتعددة.
مازلنا نقول بأن الأولوية الآن القصوى هي للوحدة الوطنية من خلال استنقاذ واسترجاع هيبة الدولة التي تفتقد كل يوم – للأسف الشديد – رصيدا عزيزا من وحدتها الوطنية على أرض الواقع داخل مجلس الأمة وخارجه، وهل نتوقع ان تقف الأطراف الأخرى التي تضررت من «هندسة السنان» ومسباح الدعاة الآخرين، مكتوفة الأيدي ازاء مشروع «المفاجآت» الموعودة للانتخابات القادمة؟! وإذا كان ولابد ان تعكس تركيبة مجلس الأمة الفئات الكويتية كلها فأعتقد ان العفوية والتلقائية كافية لأن توصل الجميع بنسبة أو بأخرى على مستوى جميع الدوائر. ان الأمر يدعو الى القلق ازاء ديرتنا جميعا ولابد من الالتفات الى آلية انتخابية تذوب هذا التشرذم الطائفي، آلية تؤكد بحق وحقيقة ان عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها وليس طائفته!