أقلامهم

سلوى الجسار : بيئاتنا التعليمية غير صحية وغير مؤهلة أو مشجعة

تعليم بلا حوار

د.سلـوى الجسـار
تُنادي المدارس الفكرية بإعداد الطلبة على التفكير الناقد والتفكير التحليلي والتفكير الابتكاري والتفكير التأملي وحل المشكلات.
أين تعليمنا من إعداد الطالب على التفكير؟ لقد اكتظت مناهجنا الدراسية بل اكتنزت وتضخمت بالمعلومات حتى أصبح الطالب لا يستطيع حمل الكتب، قس على ذلك الخطط الزمنية لتدريس المواد التعليمية خلال الأسبوع حيث انه لا يوجد تناسب بين حجم المادة العلمية والخطة الزمنية لتدريس المادة.
يُنادي المعلمون بزيادة لبعض الحصص في الخطة حتى يُكمل تدريس مواضيع المادة، ولكن دون جدوى.تعليمنا ركز على جانب المعلومات ولم يركز على جانب المهارات والأهداف الوجدانية، دائماً نرى ان معلمي المواد العلمية والأدبية يستجدون من معلمي التربية الفنية والبدنية أخذ بعض حصصهم لاكمال تدريس موضوعات موادهم التعليمية، هل هذا ما تسميه بخطة زمنية مناسبة لتدريس المواد المدرسية؟.
اذا كان الصراع على حشو الطالب بالمواضيع العلمية والأدبية خلال فترة زمنية قصيرة، فهل يتذوق الطالب جمال المادة العلمية أو الأدبية ويعيش بها أو معها عند تعلمه؟.
هل يستطيع الطالب ان يكتسب مهارات تعلم هذه المواد؟.
هل استطعنا ان ننمي لدى الطالب اتجاهات ايجابية نحو بعض المواد العلمية أو الأدبية المختلفة؟.
قس على ذلك تعدد الاختبارات وأوقاتها المختلفة والضغوط النفسية المصاحبة، أصبح تعليمنا مبني على حفظ المادة العلمية بهدف اجتياز الاختبار، وأصبح العقل غير قادر على حفظ مئات الصفحات لمادة علمية، ناهيك بتعدد المواد المختلفة، وأحسن مثال على ذلك أنه بعد الانتهاء من تقديم الاختبارات آخر العام ترى مئات الكتب المدرسية ملقاة بالشارع أو بمواقف السيارات أو بالقمامات، هل هذا هو التعليم وتقدير الكتاب المدرسي؟.
انني لا ألوم الطلبة لأن تعليمنا طارد وليس جاذباً والطالب «مغصوب على التعليم» وليس بدافع منه، لأن بيئاتنا التعليمية غير صحية وغير مؤهلة أو مشجعة على عمليتي التعليم والتعلم.
أين الحوار والمناقشة عند تعليم طلابنا؟ أين إعداد الطلبة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم؟ أين مشاركة الطلبة الايجابية وتفاعلهم الايجابي عند تعلمهم المواد العلمية؟ كما أني لا ألوم المعلم لأنه أصبح منفذاً للخطة الزمنية لتدريس المادة العلمية على الرغم من عدم كفايتها ومناسبتها، بالاضافة الى ذلك متابعة الموجه الفني عند زيارته للمعلم ومدى التزام المعلم بتنفيذ الخطة الدراسية.
نعم أصبح المعلم كالآلة، بعيداً عن استخدام قدراته ومهاراته وخبراته في إحداث تغيير لتنمية اتجاهات الطلبة الايجابية نحو التعلم لأن دوره اقتصر على توصيل المادة العلمية.
السؤال هنا كيف نُحدث تعديلاً في تنمية السلوكيات الايجابية عند الطلبة؟ كيف يكتسب الطالب المهارات المختلفة عند تعلم المناهج الدراسية؟ ان معلمنا في حالة صراع مع عنصر الوقت وحرب الاختبارات.
لكي نحدث التغيير في سلوكيات الطلبة يجب عدم التركيز على جانب المعلومات فقط على الرغم من أهميته، ولكن يجب العمل على إكساب الطلبة المهارات والجوانب الوجدانية بالتركيز على القيم والخبرات، وأن يستخدم المعلم أساليب المناقشة والحوار والتدريب وورش العمل أثناء التدريس بجانب التعليم النظري لكي يشارك الطالب في تعليمه.نحن بحاجة الى ان نستمع الى أبنائنا الطلبة ونتعرف على ما بداخلهم لنخلق منهم محاورين جيدين لديهم مهارات في الطرح والاستماع، قادرين على الاندماج والتكيف في العملية التعليمية، ولنحقق ذلك لابد من توجيه رسالة الى القائمين على التعليم من التربويين والموجهين الفنيين والمختصين باعادة النظر في الخطط الزمنية للمناهج الدراسية مع مراعاة مستويات الطلبة وتنوع طرق التدريس وأساليب التعليم حسب المرحلة التعليمية وطبيعة المتعلمين وأعمارهم آخذين الفروق الفردية بدرجة من الأهمية بالاضافة الى الارتقاء بالإشراف والمتابعة على المعلمين بهدف التنمية المهنية المستمرة.
فلتتسع صدورنا لتقديم تعليم أفضل، فالكويت والمتغيرات المعاصرة تحتاج الى طلبة لديهم حس وطني وديناميكية في التفكير ومهارات وخبرات متنوعة لمواجهة متطلبات الحياة وسوق العمل.