أقلامهم

حسن جوهر : لابد من إعادة الحسابات … الحكومة تنتحر سياسيا ؟

هل تنتحر الحكومة سياسياً!

د. حسن عبدالله جوهر
يجب أن يعيد الشيخ جابر المبارك حساباته السياسية مبكراً جداً؛ فهو غير محصن من البرلمان ولديه وزراء غير مرغوب فيهم أصلاً برلمانياً، ويمكن إقصاؤهم فوراً، ومع ذلك تبدو توجهاته تصادمية، وقد تكون الحكومة هي السبب في خرق هدنة الشهور الستة مع المجلس، وهذا هو الانتحار السياسي بعينه وعلمه!
كان يفترض أن تبدأ الحكومة الجديدة بخطوات جادة وملموسة للتعبير عن نهج جديد بالفعل بعيداً عن الشعارات والعناوين الرنانة المعتادة والمملة، ولكن يبدو أن هناك عقدة في العقلية السياسة للإدارة الحكومية لا يمكن التخلص منها مهما طال الزمان، وجزء من هذه العقدة عدم الإيمان حتى الآن بمفاهيم الشراكة الدستورية والنظام الديمقراطي وقبول مجلس الأمة كندٍّ سياسي ثابت لا يمكن إنكاره أو تجاهله، والغريب أن الكثير من الحكومات المتعاقبة لم تعِ الدرس من “المرمطة” التي سببتها لها المجالس النيابية، وقادت حتى إلى إقالة رئيس الوزراء في سقف عال جداً من المطالب السياسية، قد يتكرر وبشكل أسهل من قبل.
هذه مقدمة على شكل نصيحة نسديها إلى سمو الرئيس الشيخ جابر المبارك الذي يبدو أن حكومته ونهجها إما أنهما يسيران على خطى الحكومات السابقة، وإما قد يكون هناك قصور حقيقي في الفهم والقراءة السياسة، فرئيس الحكومة يدرك أن حكومته لا تتمتع بظهر برلماني تشكل أغلبيته فكراً ونهجاً وأولويات هي مغايرة تماماً، بل قد تكون متناقضة مع أجندته السياسية، ولا يمكن وصف “الحركشات” السياسية التي بدأت الحكومة بتجربتها سوى أنها خلق خصومة سياسية، خصوصاً في ما يتعلق بموروثات واستحقاقات حقبة المجلس السابق على مستوييها التشريعي والرقابي.
فمن الجانب الرقابي يجب أن تتعامل الحكومة مع ملف الفساد بكل شفافية وجرأة، وقد تكون المزايدة في اتخاذ الإجراءات السياسية والقانونية محمودة في هذا الشأن، مثل القبول والتجاوب مع لجان التحقيق البرلمانية، بل إن سمو الرئيس لديه فرصة تاريخية لكشف الكثير من الحقائق والمعلومات السرية في جلسة استجوابه المرتقبة دونما مجاملات أو اعتبارات لأي كان.
كما يفترض أن تكون الحكومة أكثر تشدداً في التشريعات المنتظرة بشأن مكافحة الفساد، وأكثر حماساً في العمل على إقرارها على وجه السرعة.
أما القضايا الشعبية فيجب أن تحظى باحترام الحكومة وفق أسس واعتبارات موضوعية جداً، فحزمة الكوادر والزيادة في الرواتب مسألة طال انتظارها، ولم تلتزم الحكومة حتى في تعهداتها قبل سنة بتقديم تصور شامل لهذا الملف خلال شهر ديسمبر الماضي.
وبدلاً من ذلك تحاول الحكومة أن ترتكب أكبر خطيئة في محاولتها لوأد قانون كادر المعلمين الذي أقره المجلس وصادق عليه سمو الأمير، وقد يمثل ذلك خرقاً للدستور في عهد حكومة النهج الجديد لن يغتفر!
ولذلك يجب أن يعيد الشيخ جابر المبارك حساباته السياسية مبكراً جداً؛ فهو غير محصن من البرلمان ولديه وزراء غير مرغوب فيهم أصلاً برلمانياً، ويمكن إقصاؤهم فوراً، ومع ذلك تبدو توجهاته تصادمية، وقد تكون الحكومة هي السبب في خرق هدنة الشهور الستة مع المجلس، وهذا هو الانتحار السياسي بعينه وعلمه!